للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[بشارة الخوري يكفر بالدين، وإيليا أبو ماضي وطلاسمه اللعينة]

أما شعراء وأدباء هذا العصر الذين بثوا سمومهم ووجدوا سوقاً، ووجدوا مقالاً فقالوا، ووجدوا جماهير صفقوا لهم فزادوا، فالله حسيبهم.

بشارة الخوري ينزل في دمشق، فيحمل على الأكتاف من المطار إلى الحديقة، فيقول وهو على أكتاف الناس:

هبوا لي ديناً يجعل العرب أمة وسيروا بجثماني على دين برهم

برهم الهندوكي المجرم الملعون، ثم يقول:

بلادك قدمها على كل ملة ومن أجلها أفطر ومن أجلها صم

ورد عليه شعراء أهل السنة -والحمد لله- فهناك ردود ولكن من ينشرها؟ ومن يقوم بها؟

ويقول إيليا أبو ماضي:

جئت لا أعلم من أين ولكني أتيت

ولقد أبصرت قدامي طريقاً فمشيت

ويقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الْأِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ} [الانفطار:٦ - ٨].

{أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ * وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ * فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ} [البلد:٨ - ١١] {يَا أَيُّهَا الْأِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ} [الانشقاق:٦] مالك يا أيها الإنسان كفرت بالله؟ مالك يا أيها الإنسان لا تسمع لا إله إلا الله؟ يقول:

جئت لا أعلم من أين ولكني أتيت

لقد أتيت من نطفة من العدم، يقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {هَلْ أَتَى عَلَى الْأِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً} [الإنسان:١].

يقول: لقد أتى صدفة وكذب عدو الله، بل ميلاده بقضاء وقدر، وحياته بقضاء وقدر، وأكله وشربه بقضاء وقدر، وسعادته وشقاوته بقضاء وقدر، كما صح عنه صلى الله عليه وسلم، والله تعالى يقول: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ * وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ} [القمر:٤٩ - ٥٠] نعم لقد نزل من بطن أمه يبكي.

ولدتك أمك يا بن آدم باكياً والناس حولك يضحكون سروراً

فاعمل لنفسك أن تكون إذا بكوا في يوم موتك ضاحكاً مسروراً

قال:

ولقد أبصرت قدامي طريقاً فمشيت!!

طريق استالين وماركس ولينين، ولكنك تركت طريق محمد صلى الله عليه وسلم طريق ليس فيها محمد صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر ولا عمر ولا عثمان ولا الرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام فهي طريق ملعونة ومغضوب على أصحابها طريق مظلمة

ولقد أبصرت قدامي طريقاً فمشيت!!

والنهاية النار.

وسأبقى سائراً إن شئت هذا أم أبيت!!

ولماذا؟ لست أدري لست أدري!!

لكن ستدري إذا بعثر ما في القبور وحصل ما في الصدور، قال تعالى: {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ} [الأنعام:٩٤].

أين هذا من إيمان أحد الأعراب يوم أسلم عند الرسول صلى الله عليه وسلم وقال: يا رسول الله! إني خارج إلى الغزوة، وإني أرى أن أقتل هذا اليوم -إن شاء الله- فأين ألقاك يوم القيامة؟

يا للإيمان! يا لليقين! يا للوضوح والثبات! هو يسأل فقط عن الموعد، وعن مكان ومعلم بارز في القيامة، فيتبسم عليه الصلاة والسلام ويقول: {لا أغادر ثلاثة أماكن: إما الحوض أو الميزان أو الصراط} وفي بعض الألفاظ: {أو عند تطاير الصحف} أين ألقاك؟! اللقاء لابد منه لكن أين المكان؟ وأين أجدك وسط الأمم والشعوب والملايين؟

وأين إيمان ذلك الوثني من إيمان عبد الله بن أنيس يوم قتل خالد بن سفيان الهذلي، ويأتي إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فيراه وقد قتله، فيقول له صلى الله عليه وسلم: {أفلح الوجه.

قال: وجهك يا رسول الله.

قال: خذ هذه المقصرة (عصا) عصى، سوف تتوكأ به في الجنة والمتوكئون بالعصى في الجنة قليل} فيأخذ العصا وينام، ويستيقظ وهي معه، ولما مات دفنوا العصا معه؛ لأنه سوف يتوكأ بها في الجنة.

أين إيمان هذا من عمير بن الحمام، يوم أتى إلى بدر! فقال صلى الله عليه وسلم: {يقول الله: يا أهل بدر اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم، والذي نفسي بيده، ما بينكم وبين الجنة إلا أن يقتلكم هؤلاء فتدخلون الجنة.

قال: الجنة يا رسول الله؟! قال: الجنة إي والذي نفسي بيده} فيلقي التمرات وكان يأكلهن، ويكسر غمده على ركبته، ويتقدم إلى الموت فيقتل في سبيل الله.

هذا الشاعر أعلمه الله من هو الواحد القهار، فكان عند مرض الموت يخور كما يخور الثور، وينبح كما ينبح الكلب، حتى أخذ يبكي ولسان حاله يقول -مستعتباً في وقت لا ينفع فيه العتب-:

أبعين مفتقر إليك نظرت لي فأهنتني وقذفتني من حالق

لست الملوم أنا الملوم لأنني علقت آمالي بغير الخالق

ورجل آخر يقول لبشر مثله يأكل الطعام والشراب وينام مثله، ويسهى وينسى ويفجر، يقول فيه:

فليتك تحلو والحياة مريرة وليتك ترضى والأنام غضابُ

وليت الذي بيني وبينك عامر وبيني وبين العالمين خرابُ

إذا صح منك الود فالكل هين وكل الذي فوق التراب ترابُ

كذب عدو الله بل الذي إذا صح منه الود الطيب هو الله جاء وفد بني تميم فطرقوا باب الرسول صلى الله عليه وسلم وقالوا: اخرج لنا يا رسول الله، فإن مدحنا زين وذمنا شين.

يقولون: إذا مدحنا مدحنا وإذا ذممنا ذممنا، فقال عليه الصلاة والسلام: {لا والذي نفسي بيده، الذي مدحه زين وذمه شين هو الله} هذا هو الذي ينبغي أن يلاحظ على مثل هؤلاء الفجرة الذين ينسون الله وينسون الإيمان، فإذا أتى في الشعر نسي الله، وإذا أتى في الصحافة نسي الله، وإذا أتى إلى المسرح نسى الله، وإذا أتى إلى الفيديو نسي الله، إذا أتى إلى المنتدى والنادي نسي الله فإذا ذكرته بالله قال: الله في المسجد لا والله، بل علمه في كل مكان، {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} [الحديد:٤] جل الله وتبارك وتعالى.

وحداثي متستر يستهزئ بالرسول صلى الله عليه وسلم، والطوام أن يأتي من أمهاتنا وفي بلادنا من يشرب ماءنا ويستنشق هواءنا ثم يستهزئ برسالتنا وبأصالتنا وعمقنا وبديننا وإيماننا وبتوحيدنا، فيقول في مقطوعة نثرية في آخرها:

غطى عليها بردائه الهاشمي

يقول: إن دنيانا لم تبصر النور لما أطل بردائه الهاشمي على الدنيا وعلى الجزيرة، يقول: أظلمت، كانت نيرة فلما أتى الهاشمي ووضع رداءه ما رأت النور فمن هو الهاشمي؟ ليس إلا محمداً عليه الصلاة والسلام.

أيها البغيض المتكلم! والله الذي لا إلا هو، لقد رفع الله به رءوس أمتك وأخرجهم من الظلمات إلى النور هذا الهاشمي -أيها البغيض- هو الذي جعلنا نخطب على منابر الأندلس، وعلى ضفاف دجلة والفرات والجنج وطشقند وغيرها من بلاد الدنيا هذا الهاشمي -أيها المتخلف- هو الذي أخرج الله به أمة العرب من أمة متخلفة وثنية مشركة إلى أمة تقدم أرواحها للواحد الأحد.

إن البرية يوم مبعث أحمد نظر الإله لها فبدل حالها

بل كرم الإنسان حين اختار من خير البرية نجمها وهلالها

لبس المرقع وهو قائد أمة جبت الكنوز فكسرت أغلالها

لما رآها الله تمشي نحوه لا تبتغي إلا رضاه سعى لها

فأمدها مدداً وأعلى شانها وأزال شانئها وأصلح بالها

الهاشمي عليه الصلاة والسلام -يا متخلف! - هو الذي أتى بـ أبي بكر الصديق ليكون علماً للعدل والسماحة والنبل، وأتى بـ عمر إنساناً أخرجه الله عز وجل وجعله بإذنه سُبحَانَهُ وَتَعَالَى رجل عدالة، ورجل ريادة وزهد وعبادة يضرب بعدله المثل، وأتى بـ علي وبـ عثمان وبـ الزبير وبـ طلحة وبـ زيد وبـ أُبي {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام:٩٠].

أولئك آبائي فجئني بمثلهم إذا جمعتنا يا جرير المجامع

لكنها قلوب مظلمة، وعقول متخلفة! وإذا نزع الإيمان فلا تسل عن صاحبه.

<<  <  ج:
ص:  >  >>