أيها الناس! ألا ترون أنكم تشيّعون كل يوم غادياً ورائحاً إلى الله، قد ترك الأحباب، وفارق الأصحاب، ووسد التراب.
غنياً عما ترك، فقيراً إلى ما قدم انتهى أمله وأجله وعمله، وتبعه أهله وماله وعمله، فعاد أهله وماله وبقي معه عمله.
وسد التراب، وفارق الأحبة والجيران، وهجره الأصحاب والإخوان ما كأنه فرح مع من فرح، ولا كأنه ضحك مع من ضحك، ولا كأنه ارتاح مع من ارتاح فلما وسد تلك الحفرة أتى يبحث عن عمله، قال تعالى:{وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ}[الأنعام:٩٤].