للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[قضية مهمة في الولاء والبراء]

السؤال

أيها الشيخ الحبيب إلى القلوب! أنا من إحدى الدول العربية المقيمين هنا، ونحن نحب الشعب السعودي، ونحب هذا البلد -بلد التوحيد- ولكن نتعرض للغمز واللمز والإساءة -أحياناً- من بعض الناس، وذلك لمواقف دولنا السياسية، فيا حبذا لو كلمةً توجيهية لإخواننا هؤلاء؟

الجواب

أيها الإخوة الكرام: هذه مسألة خطيرة، ويجب التنبيه عليها، ويجب بيانها للناس؛ لأنه وقع كثيرٌ من الناس في ذنوبٍ عظيمة بسبب بعض تصرفاتهم الغير مسئولة، ماذا يربطنا بالناس؟ ما هي علاقتنا بهم؟ ما هي الأواصر التي جمعتنا بالشعوب؟ هي لا إله إلا الله، محمد رسول الله.

أتى محمدٌ عليه الصلاة والسلام ونحن شذر مذر، شعوباً وقبائل، فجمع صهيباً الرومي إلى سلمان الفارسي إلى بلال الحبشي إلى أبي بكر القرشي، فجعلهم تحت مظلة لا إله إلا الله، من الذي أتى بـ سلمان من أرض فارس، ولسان حاله يقول: {سلمان منَّا آل البيت} وترك أبا جهل وأبا لهب يدخلون النار؟

إذاً فالقرابة لا تقرب، والبعد لا يبعد إذا اقتربت القلوب من لا إله إلا الله: {هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ * وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [الأنفال:٦٢ - ٦٣].

أولاً: الذي يجمعنا بهذه الشعوب هي العقيدة الإسلامية، فمن حملها وأجاد حملها، فهو أخونا وحبيبنا ولا ننظر إلى أيّ مواقفٍ أخرى، فإن علاقتنا بهم هي علاقة هذا الدين، نكرمهم ونحييهم ونستقبلهم ونقوم معهم، وإن انصرفوا عن منهج الله وعن هذه العقيدة انصرفنا عنهم وهجرناهم وأبغضناهم، فموقفنا مع الإسلام أينما دار الإسلام درنا.

ثانياً: المسيء يقال له: أسأت، والمحسن يقال له: أحسنت، ولا يعمم على الناس، وإن من أعظم الفرية أن تحمل القبيلة ذنب شاعر أو ذنب قائل، فيحمل الناس أخطاء بعض الناس: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الإسراء:١٥] في الناس صالحون وفي الناس طالحون، فالصالح نحييه ونقول: أحسنت، والطالح نبغضه ونقول: أسأت.

ثالثاً: ليس بيننا حدود جغرافية ولا أقاليم:

وأينما ذكر اسم الله في بلدٍ عددت ذاك الحمى من صلب أوطاني

وهذه هي مملكة محمد عليه الصلاة والسلام، كان المسلم ينادي الله أكبر في بغداد، فيجيبهم من كابل وطنجة، وقرطبة، والسند، وصنعاء، والرياض، ومكة، فالمملكة مملكة محمد عليه الصلاة والسلام، كتب على علمها لا إله إلا الله، ووثيقتها: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة:٥].

فلا دماء، ولا أعراف، ولا لغات، ولا ألوان، وإنما هذا هو الدين:

إن كِيْد مطِّرف الإخاء فإننا نغدو ونسري في إخاء تالدِ

أو يختلف ماءُ الغمام فماؤنا عذبٌ تحدر من غمامٍ واحدِ

أو يفترق نسبٌ يؤلف بيننا دينٌ أقمناه مقام الوالدِ

{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنْ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [آل عمران:١٠٣].

ونسأل الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى أن يكتب النصر لأوليائه وأن يرفع كلمته وأن يُؤيد دينه.

وصلى الله على محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً.

<<  <  ج:
ص:  >  >>