[من أحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم في الحث على الجهاد]
وقال صلى الله عليه وسلم:{جاهدوا في سبيل الله، فإن الجهاد في سبيل الله بابٌ من أبواب الجنة ينجي الله به من الهم والغم} رواه أحمد وهو صحيح، المجاهد لا يجد هماً ولا غماً، وهذا مجرب، وسلوا من ذهب إلى أفغانستان، فإن عندهم الخبر اليقين، وقال عليه الصلاة والسلام:{أنا زعيم -والزعيم هو الذي يقوم بالضمان- لمن آمن بي وأسلم وهاجر ببيت بربض الجنة -في أسفل الجنة- وببيت في وسط الجنة، وأنا زعيمٌ لمن آمن بي وأسلم وجاهد في سبيل الله ببيت في ربض الجنة وببيت في وسط الجنة وببيت في أعلى غرف الجنة، من فعل ذلك، لم يدع للخير مطلباً، ولا من الشر مهرباً، يموت حيث شاء أن يموت} رواه النسائي، وابن حبان، والحاكم وهو صحيح صححه ابن حبان، والحاكم ووافقه الذهبي، وقال صلى الله عليه وسلم:{من قاتل في سبيل الله من رجل مسلم فواق ناقة -مقدار ما تحلب الناقة- وجبت له الجنة} حديث صحيح رواه أبو داود والدارمي والنسائي، وصححه ابن حبان ورواه أحمد وغيرهم.
كان أبو بكر يودع أسامة رضي الله عنه وأرضاه، وأسامة يذهب لتنفيذ وصية الرسول صلى الله عليه وسلم بعد وفاته صلى الله عليه وسلم، فقال أسامة:[[يا خليفة رسول الله! إما أن تركب وإما أن أنزل، فقال: والله لا تنزل، ووالله لا أركب، وما عليَّ أن أغبر قدمي ساعة في سبيل الله]] وكأن أبا بكر ما غبر قدمه في سبيل الله، وهو الذي منذ أسلم وقدمه مغبرة في سبيل الله، وكأنه لم يقاتل في تلك الجبهات، وفي تلك الأيام المشهودة، وكأنه لم يقدم روحه في أكثر من غزوة يريد ما عند الله، فرزقه الله الصديقية العليا التي هي بعد النبوة مباشرة، يقول عليه الصلاة والسلام:{إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله، ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس، فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة، وفوقه عرش الرحمن، ومنه تفجر أنهار الجنة} رواه البخاري في التوحيد (باب وكان عرشه على الماء) وأحمد من حديث أبي هريرة، يقول صلى الله عليه وسلم:{فإذا سألتم الله، فاسألوه الفردوس، فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة وفوقه عرش الرحمن ومنه تفجر أنهار الجنة} وقال عليه الصلاة والسلام لـ أبي سعيد: {من رضي بالله رباً وبالإسلام ديناً، وبمحمد رسولاً، وجبت له الجنة} فعجب أبو سعيد، فقال: أعدها عليَّ يا رسول الله، فأعادها، ثم قال رسول الله عليه الصلاة والسلام:{وأخرى يرفع الله بها العبد مائة درجة في الجنة ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض، قال: وما هي يا رسول الله؟ قال: الجهاد في سبيل الله} رواه مسلم والنسائي، وقال:{من أنفق زوجين في سبيل الله، دعاه خزنة الجنة، كل خزنة باب: أي فُلُ -ترخيم يا فلان- أي فل هلَّم؛ فمن كان من أهل الجهاد، دعي من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصيام، دعي من باب الريان، ومن كان من أهل الصدقة، دعي من باب الصدقة، فقال أبو بكر: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، ما على من يدعى من تلك الأبواب من ضرورة فهل يدعى أحدٌ من تلك الأبواب كلها؟ قال: نعم.
وأرجو أن تكون منهم} رواه البخاري ومسلم والنسائي.
أبو بكر رضي الله عنه وأرضاه يدعى يوم القيامة من أبواب الجنة الثمانية، لأنه صادق مصل صائم مجاهد ذاكر، كل شيء فيه، يضرب في كل غنيمة بسهم، فهو الذي اكتملت فيه أعمال الخير، وقد صح عند مسلم أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال للصحابة:{هل زار أحد منكم مريضاً اليوم؟ قال أبو بكر: أنا يا رسول الله! قال: هل شيع أحد منكم جنازة؟ قال: أنا يا رسول الله! قال: هل تصدق أحدٌ منكم بصدقة؟ قال: أنا يا رسول الله! قال: هل أصبح أحدٌ منكم اليوم صائماً؟ قال: أنا يا رسول الله، قال: ما اجتمعن في امرئ إلا دخل الجنة} كان يجمعها كلها مع أنه كان هزيل الجسم ضعيف البنية، لكن -سبحان الله! - قلبه فيه همة تمر مر السحاب:{صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ}[النمل:٨٨] وقال عليه الصلاة والسلام: {من أنفق نفقةً فاضلةً في سبيل الله فسبعمائة} هذه سبعمائة تتكرر كثيراً، يقول سُبحَانَهُ وَتَعَالى:{مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}[البقرة:٢٦١].
جاء أعرابي والرسول عليه الصلاة والسلام يدعو إلى البذل في سبيل الله، وليس عند الأعرابي شيء، قال:{يا رسول الله! والذي نفسي بيده ما عندي من الدنيا قليل ولا كثير، ولكن عندي هذه الناقة، فخذها في سبيل الله، قال عليه الصلاة والسلام -وكانت الناقة مخطومة بليف- فإن لك بها عند الله يوم القيامة سبعمائة ناقة في الجنة} حديث صحيح، فهذا جزاؤه عند الله عز وجل، لأنه قدم ما عنده، {ومن أنفق على نفسه وأهله، أو عاد مريضاً، أو أماط الأذى عن طريق؛ فله الحسنة بعشرة أمثالها، والصوم جنة، ومن ابتلاه الله بجسده، فهو له حطة} أي: كفارة.
رواه أحمد في المسند من حديث أبي عبيدة وفي سنده عياض بن غطيف ويقال: غطيف بن الحارث ترجم له ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل، فلم يذكر فيه جرحاً، ولا تعديلاً، وباقي رجاله ثقات وفي الباب عند أحمد والترمذي والنسائي من حديث خريم بن ثابت مرفوعاً:{من أنفق نفقة في سبيل الله، كتبت له سبعمائة ضعف} وسنده صحيح وقد صححه الحاكم.