للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[التعاون على البر والتقوى]

السؤال

ما هي الطريقة المثلى في التعاون على البر والتقوى في الدعوة؟

الجواب

أقول لهؤلاء: عليهم أن يفعلوا كما فعل كثير من الفضلاء في بعض المدن، كمدن القصيم، وهي أن يوجد مجموعة من الدعاة الفُطَناء النابهين، المحبين لله ورسوله، العقلاء، أهل الحكمة، وأهل الرشد والصواب، فيجتمعوا في تنسيق ندوات في أماكنهم هذه، كأن يكون هناك ندوة في كل أسبوع، في مثل: تنومة والنماص، وسراة عبيدة، ومحايل، وغيرها من المناطق الآهِلَة، كـ الواديين والدرب وبيش، وغيرها الكثير، فيوجدوا محاضرة في كل أسبوع، ثم يكون همهم أن يأتوا بالدعاة من الرياض والقصيم وجدة والشرقية وأبها ومكة المكرمة، ومن كل مكان، وهذا الدرس يكون أسبوعياً في هذا البلد، فهذا من مهمة هذه المجموعة.

ومن مهمة هذه المجموعة أيضاً: جمع التبرعات من الناس، أو اشتراك شهري في صندوق يسمى: (صندوق الشريط الإسلامي) سيصرفون في كل شهر، أو في كل أسبوع شريطاً ويوزعونه على أهل هذه البلدة.

ومن مهمتهم أيضاً: أن يجتمعوا بالقاضي والأمير في البلدة والمسئولين، فيفهمونهم بعض الأخطاء التي يقع فيها المجتمع، ويناصحونهم، ويكتبون لهم المنكرات.

ومن مهمتهم أيضاً: أن يوزعوا الكتاب الإسلامي.

ومن مهمتهم أيضاً: أن يُلْقوا دروساً خفيفة، من ربع ساعة إلى ثلث ساعة في المساجد في بلدتهم، يشتغلوا بها، فيعظون الناس ويرشدونهم.

ومن مهمتهم أيضاً: أن يكاتبوا العلماء عما يحصل من مشاكل في بلدتهم، ليأتوا بفتاوى ينشرونها بين الناس في المسائل التي تقع فيها الأخطاء.

ومن مهمتهم أيضاً: أن يقوم منهم مجموعة تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، بالحكمة، واللين، والمعروف، فتنبه الناس على أخطائهم.

هذه المجموعة، أنا أرى أن لو تُشَكَّل في كل منطقة فسوف يُرَى بعد سنة الخير وقد عَمَّ هذه المنطقة، والفضل، والنور، والفقه، والفهم، أما قضية أن تقف سلبياً وحدك في منطقتك أو قريتك، ثم تجد الناس يتفاعلون في قراهم ومدنهم، وأنت لا تقدم شيئاً لبني قريتك أو مدينتك فإنك تكون سلبياً مخطئاً غير موفٍٍ في أداء رسالتك التي أوكلها الله إليك.

هذا اقتراح أكرره وأعيده، عسى أن يكون هناك من يلبي، لأني رأيتُ بعضَ الناس، حتى من سنتين ومن ثلاث سنوات يأتي أحدهم من المناطق المذكورة فيطلب الداعية، فإذا اعتذر الداعية، قال: ماذا نفعل إذاً؟ أتعتذر؟ الذنب ذنبكم والتقصير تقصيركم؛ لأنكم ما جئتمونا.

هكذا يقول.

وأنتَ والأساتذة الذين معك بالعشرات في المدينة التي أنت فيها، وفي الضاحية، وفي القرية، أنت والقضاة الذين عندك، والمدرسون، والدعاة، والفضلاء، لماذا لا تجمع؟ ولماذا لا تنظر؟ ولماذا لا تؤثر؟ ولماذا لا تتفاعل؟ هذه هي المسئولية.

أردتُ أن أعرض هذا الرأي؛ لأنه صراحةً لا يستطيع الإنسان مهما أوتي من قوة أن يصل كل ضاحية وقرية، وكل مكان ليلقي محاضرة، ثم إن المحاضرات العامة إذا أتت في السنة مرة فخير كثير؛ لأنها مثل أسبوع الشجرة، هذه المحاضرات العامة مثل أسبوع الشجرة، تُزْرَع الشجرة في السنة مرة؛ لكن مَن الذي يَسْقِي الشجرة؟ مَن الذي يقلمها؟ مَن الذي يهذبها؟ مَن الذي يمنع الآفات عنها؟ هم أهل المنطقة، وأهل القرية، والضاحية.

فهذه أمانة أقدمها بين أيديكم، وليتأمل كل منكم إذا أتى من بلدة، أو من قرية، أو من ضاحية، ليتأمل: ماذا يقدم لقريته وضاحيته، وماذا سوف يجيب الله يوم القيامة، إذا سأله: ماذا فعلتَ بقريتك؟ وليحفظ قوله تبارك وتعالى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء:٢١٤].

أسأل الله لي ولكم السداد، والهداية، والرشد، والتوفيق.

والإخوة الذين قدموا أسئلتهم -كما يرون- ليس عندنا وقت للإجابة الآن؛ ولكن أعدهم لا كمواعيد عرقوب أن أجيب عنها في المستقبل إن شاء الله.

ومواعيد عرقوب: كان لأحد الناس عليه دين، فأتى صاحب الدين، فقال: أعطني مالي.

فقال: ما عندي لك مال؛ لكن هذه النخلة تثمر إن شاء الله فإذا أطلعت خذ طلعها.

فأطلعت النخلة، قال: اتركها حتى تصبح بُسراً، فتركها، فلما أصبحت بُسراً، قال: أعطني.

قال: حتى تصبح بلَحاً، فلما أصبحت بلَحاً (رُطَباً) قال: اتركها حتى تصبح تمراً.

فلما أصبحت تمراً اخْتَرَطَها عرقوب في الليل، وترك الدَّيَّان.

أعوذ بالله أن أكون مثل عرقوب.

كانت مواعيد عرقوب لها مثلاً وما مواعيده إلا الأباطيلُ

لكنَّ مواعيدنا مواعيد محمد صلى الله عليه وسلم: {يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ} [المائدة:١١٩].

فإن قُصِّرَ في شيء فالإنسان مصدر نقص؛ لكن الوقت لا يمكن أن يُزاد فيه.

قد يضيق العمر إلا ساعةً وتضيق الأرض إلا موضعا

فنسأل الله إذا قَصُرَ هنا اللقاء أو ضاق بنا الوقت أن يجمعنا في وقت طويل: {فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ} [القمر:٥٥] يوم يتقبل الله منا ما عملنا، ويتجاوز عن سيئاتنا: {فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ} [الأحقاف:١٦].

وصلى الله على محمد، وعلى آله وصحبه، وسلَّم تسليماً كثيراً.

<<  <  ج:
ص:  >  >>