للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[عجائب من الحيوانات في رزق الله لها]

حتى ذكر الجاحظ في كتاب الحيوان: أن الحية في الصحراء -في مثل الربع الخالي - تعيش السنوات, فإذا جاعت خرجت فنصبت نفسها كالعود؛ لأن الغراب لا يهبط إلا في مكان فيه عود, فيظنها عوداً فيهبط على رأسها فتأكله، من الذي دلها؟! الله.

وإذا ترى الثعبان ينفث سُمَّهُ فاسأله من ذا بالسموم حشاكا

واسأله: كيف تعيشُ يا ثعبانُ أو تحيا وهذا السم يملأ فاكا

فالحمد لله العظيم لذاته حمداً وليس لواحدٍ إلاكا

يقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} [طه:٥٠] الحيوان يخرج من بطن أمه فيأتي إلى الثدي، من علمه؟! الله، النملة تعلم -بإذن الله- بأنه سوف يأتي فصل الشتاء فيه برق ورعد ومطر وسيل فتأخذ الحبوب فتجعلها في المخزون عندها في المستودع, وتخاف النملة إذا وضعت الحب في الطين في المستودع أن تنبت الحبة فتأتي إلى الحبة فتقسمها نصفين، ذكرها ابن القيم في مفتاح دار السعادة وهذا صحيح وأثبته أهل الطب من علمها؟! الله {الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} [طه:٥٠].

النحلة تذهب الأميال الطويلة ثم تعود إلى خليتها، حتى يقول الأمريكي كرسون مرسون: عندها جهاز أريال، فيقول سيد قطب: لا ما عندها جهاز أريال، ليس هذا الجهاز، ولكن عندها جهاز: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ} [النحل:٦٨].

هذا التوكل على الله عز وجل, لكن الكثير من الناس لا يتوكلون على الله عز وجل, وهم يصلون ويصومون، ولقلة اعتصامهم بالواحد الأحد, تجد بعضهم يخوفك من أهل الدنيا أخوف من الله عز وجل، يقول: انتبه! هم إذا أرادوا نفذوا ما أرادوا، والله يلغي ذلك ويقول: {فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} [البروج:١٦].

يقول أهل السنة ليس في الدنيا فعال لما يريد إلا الله، فليس كل أحد يريد شيئاً يمكنه أن يفعله, فإن من الناس من يريد شيئاً ولا يفعله، ومنهم من يفعل شيئاً ولا يريده، أما الذي يريد ما يفعل ويفعل ما يريد فهو الله، قال تعالى: {فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} [البروج:١٦] أحياناً أنت تفعل شيئاً وأنت ما أردته، أحياناً يسقط عليك المسجل، فيقول صاحبه: لماذا أسقطته؟ فتقول: ما أردت، صحيح ما أردت، يعني: أن حركاتك وسكناتك بيد الواحد الأحد، أحياناً تقول: أريد أن أعبر البحر ماشياً, هذا ما أردت لكن لا تفعل؟ أتحداك! لست فعالاً لما تريد، أما الله فهو فعال لما يريد, هذه كذلك من المفارقات بين الخالق والمخلوق سُبحَانَهُ وَتَعَالَى.

<<  <  ج:
ص:  >  >>