يقول ابن القيم رحمه الله:"ورأيت من شجاعته ما لا يوصف ".
حتى أنه شارك وخاض المعركة بنفسه، لما أتى التتار المغول يهاجمون العالم الإسلامي واجتاحوا بغداد ودمروا المساجد والمكتبات، وأتوا ليجربوا حظهم مرة ثانية في دمشق فخرج ابن تيمية مع السيف في رمضان وأخذ كوباً من الماء أمام الناس وقال: هذا يوم يفطر فيه فأفطروا أيها الناس! ثم حمل راية الجهاد وكاد أن يضرب بالسيف، قال الذين معه: كنا نرى أو نسمع شظايا أو كسير السيف من على رءوس الناس من شدة ما يضرب، وقد آتاه الله في الجسم بسطة وقوة، يقول ابن القيم: رأيت من قوته في كلامه وفي مشيه وفي خطابه ما لا يعلمه إلا الله؛ والسبب في ذلك كثرة الذكر والاتصال بالله، وإلا فإن أكله كان من أقل الناس أكلاً وغذاءً حتى كان على شظف العيش.
هذا ابن تيمية رحمه الله رحمة واسعة.
وكان في بعض الأوقات يخرج من مسجد بني أمية في دمشق إلى الصحراء، قال تقي الدين بن شكير -أحد تلاميذه- قال: رأيته خرج مرة من المرات إلى الصحراء فتبعته، قال: فما رآني، قال: فلما اختلى عن الناس وأصبح في فضاء في الصحراء، نظر إلى السماء ثم بكى ودمعت عيناه، وقال:
وأخرج من بين البيوت لعلني أحدث عنكَ النفس بالسر خاليا
وهذا البيت لـ مجنون ليلى، استخدمه مجنون ليلى، في غرض ليس الغرض المطلوب، يقول:
وأخرج من بين البيوت لعلني أحدث عنكِ النفس بالسر خاليا
وإني لأستغشي وما بي غشوةٌ لعل خيالاً منك يلقى خياليا
فيقول ابن تيمية لما خرج، ونقل المحبة من محبة هذه الأشياء التي لا تنفع عند الله بل تضر، إلى محبة الحي القيوم فاطر السماوات والأرض فقال:
وأخرج من بين البيوت لعلني أحدث عنكَ النفس بالسر خاليا