موسى وهو في الطريق بعد أن بدأت فرائصه ترتعد من سيوف وخناجر ورماح وجند وجيش وأسطول فرعون وهامان وقارون، دنيا وقصور مدلهمة ونار مظلمة!! {قَالا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى}[طه:٤٥] والله أعلم بفرعون {رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا}[طه:٤٥] أي: يستعجل بالعقوبة، نريد أن نتكلم ونسمعه الحجة لكنه لن يتركنا نتكلم {أَوْ أَنْ يَطْغَى}[طه:٤٥] أي: يزيد في العقوبة، بدل أن يجلدنا مائة سوط فسوف يجلدنا خمسمائة سوط.
قال الله -وما أحسن العبارة! -: {قَالَ لا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى}[طه:٤٦] لا إله إلا الله! أنتم في إيواني وعلمي وأنا معكم، أنتم في الصحراء وأنا معكم، أنتم في البحر وأنا معكم بعلمي:{مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا}[المجادلة:٧] الله معك بعلمه ونصرته وإحاطته وشهوده أينما كنت.
فالزم يديك بحبل الله معتصماً فإنه الركن إن خانتك أركان
يا حافظ الآمال أنتت حميتني ورعيتني
وعدا الظلوم علي كي يجتاحني فمنعتني
فانقاد لي متخشعاً لما رآك نصرتني
{قَالَ لا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى}[طه:٤٦] ثم قص عليه القصة، دخل، تكلم، انتهى الحوار وشاهدنا قصته يوم خرج.