للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[ندم عمرو بن العاص حال الموت]

وعند مسلم في الصحيح عن ابن شماسة المهري قال: {حضرنا عمرو بن العاص في الوفاة فبكى بكاءً طويلاً وحول وجهه إلى الحائط، قالوا: ما لك تبكي؟ -تذكر الذكريات.

وكثير من الناس لا يتذكر ذكرياته إلا في سكرات الموت، الأيام والليالي والأشهر والسنوات والإجازات والرحلات والأصحاب والأصدقاء، كل ما مر به يتذكره في ذاك المطرح- فبكى، فأخذ ابنه يحسن ظنه بالله، فلما زاد الكلام التفت وقال: يا أيها الناس! إني عشت حياتي على أطباق ثلاث: كنت في الجاهلية لا أعرف الإسلام، فلو مت على تلك الحال لكنت من جثي جهنم، ثم أسلمت وبايعت الرسول عليه الصلاة والسلام، فلما بسط يده ضممت يدي قال: ما لك يا عمرو؟ قلت: أشترط، قال: تشترط ماذا؟ قلت: أن يغفر لي ربي ذنبي، فتبسم صلى الله عليه وسلم وقال: أما تدري -يا عمرو - أن التوبة تهدم ما قبلها وأن الإسلام يجب ما قبله؟ فأسلمت، فوالله ما ملأت عيني منه صلى الله عليه وسلم، والله لو سألتموني الآن أن أصفه لم أستطع أن أصفه، لأني ما ملأت عيني منه حياءً منه، فلو أني مت على تلك الحال لرجوت أن أكون من أهل الجنة، ثم لعبت بي الدنيا ظهراً لبطن، فما أدري هل يؤمر بي إلى الجنة أو إلى النار؟ لكن عندي كلمة أحاج لنفسي بها عند الله، لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم}.

وعند غير مسلم: فضم يده على لا إله إلا الله.

ولما أدخل وغسل؛ كانوا يفتحونها فتضم.

وهذا لأن معه لا إله إلا الله، ورصيده لا إله إلا الله والصلوات الخمس، وقراءة القرآن، والصدق مع الله، وبر الوالدين، وصلة الرحم، أما أن نقول: لا إله إلا الله ونكذب على الله، فما فائدة لا إله إلا الله؟ لا إله إلا الله ولا صلاة في المساجد! لا إله إلا الله والنساء يتبرجن! لا إله إلا الله والغناء يعج في البيوت! لا إله إلا الله والربا يؤكل ويشرب ويلبس ويستخدم ويبنى منه! لا إله إلا الله والخروج على شرع الله موجود! لا إله إلا الله والمجلة الخليعة تسيطر على وقت المصحف وزمن المصحف وساعات المصحف! لا إله إلا الله وجلساء السوء يحفون بالصالحين ليصرفوهم عن الهداية! أين معنى لا إله إلا الله؟ لا إله إلا الله والوالدان يلعنان في بعض النواحي ويضربان! والرحم يقطع! نخرج إلى الاستسقاء فنرفع أيادينا لكن حجبنا ما بيننا وأغلقنا أبواب السماء بالذنوب والخطايا، عطاء الله ممنوح وبابه مفتوح وخيره يغدو ويروح؛ ولكن ذنوبنا والله وقفت بالطريق، كلما أراد الغيث أن ينزل قالت الذنوب: لا تنزل يا غيث.

وأنا الذي جلب المنية طرفه فمن المطالب والقتيل القاتل

<<  <  ج:
ص:  >  >>