[كلمة في رثاء الشيخ ابن باز]
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله.
أما بعد:
لقد أصيب كل مسلمٍ بوفاة شيخ الإسلام في هذا العصر، سماحة الشيخ/ أبي عبد الله عبد العزيز بن عبد الله بن باز.
وابن باز: اسمٌ على رجلٍ؛ كلما ذكر ذكر العلم والفضيلة والنبل واليسر والسماحة.
ابن باز: رمزٌ للسنة النبوية في عصرنا الحاضر، وإمامٌ للوسطية، واتباع الأثر، والعودة بالأمة إلى الوحيين كتاباً وسنة.
ابن باز: حيث الخلق النبوي، والكرم الحاتمي، والحلم الأحنفي، بيته ضيافة للناس.
تصدق بعلمه، فهو معلمٌ مفتٍ خطيب محاضر.
وتصدق بجاهه فتجده شافعاً مصلحاً محبباً عند الجميع، أحبه الحاضر والباد، والكبير والصغير، والرجل والمرأة، والغني والفقير.
وتصدق بخلقه فوسع الكل بعلمه، وأتحف الجميع بتواضعه، ووصل بره إلى أقصى الأرض.
ابن باز: موته ثلمٌ في الإسلام، وفجيعةٌ من أكبر فجائع هذا الزمان، ومصيبةٌ تقصم ظهور الموحدين.
ابن باز: عرفته في مجلس علمه ينثر علينا درر العلم الراسخ، والمعرفة المباركة، والميراث النبوي الشريف، وعرفته في مكتبه يحل المعضلات، ويجيب على التساؤلات، ويسهل المشكلات، وعرفته في بيته يرحب بضيفه، يبذل طعامه، ويبسط وجهه، ويتحف زائره، ويقول: إنا لله وإنا إليه راجعون! يقول أبو تمام الشاعر:
كذا فليجل الخطب وليفدح الأمرُ فليس لعينٍ لم يفض ماؤها عذرُ
عليك سلام الله وقفاً فإنني رأيت الكريم الحر ليس له عمرُ
ثوى طاهر الأردان لم تبق بقعةٌ غداة ثوى إلا اشتهت أنها قبر
لقد تعلمت على سماحته، وتلقنت منه علماً مباركاً -أسأل الله أن ينفعني به وغيري من أمة الإسلام- وقد حضرت جنازته، وكان يوماً من أيام التاريخ الإسلامي المشهود، يذكرك بيوم القيامة، وجنازته فوق الوفد، والبكاء والعويل والتهليل والتكبير، وجنازة سماحته موسمٌ لمن أراد أن يتوب، وأن يراجع نفسه، وأنا أعتبرها أنها من أعظم الجنائز في الإسلام، وكما قال أحمد بن حنبل: بيننا وبين أعداء الإسلام يوم الجنائز.
فأسأل الله أن يجمعنا بسماحته في الفردوس الأعلى: {فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ} [القمر:٥٥] والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.