قال عليه الصلاة والسلام:{والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار}.
هذا مبدأ آخر وباب آخر فتحه الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى للمقبولين من عباده، والكلمة الطيبة في الإسلام صدقة، والبسمة صدقة، واللين صدقة، وفي الصحيح:{يصبح على كل سلامى من أحدكم -والسلامى هو المفصل- صدقة، كل يوم تصلح فيه بين اثنين صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وبكل تسبيحة صدقة ويجزئ عن ذلك ركعتان يركعهما أحدكم من الضحى} فالشاهد: الصدقة، ولذلك دخل كثير من الصالحين الجنة بسبب الصدقة.
ومن أعظم ما يذكر في هذا الباب أبو بكر رضي الله عنه وأرضاه؛ فإنه أنفق أمواله في سبيل الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى وما ادخر شيئاً، وعمر بن الخطاب قدم نصف ماله في سبيل الله، وعثمان جهز جيش العسرة في غزوة تبوك , حتى قال صلى الله عليه وسلم:{اللهم ارض عن عثمان فإني عنه راض، اللهم اغفر ل عثمان ما تقدم من ذنبه وما تأخر} رضي الله عنهم وأرضاهم جميعاً.
وجاء عن عبد الرحمن بن عوف أن قافلة قدمت المدينة إليه في أيام قحط, فقال لتجار المدينة: كم تعطوني في كل درهم؟ قالوا: درهماً.
قال: وجدت من زادني.
قالوا: نعطيك درهمين.
قال: وجدت من زادني.
قالوا: ثلاثة.
قال: وجدت من زادني.
قالوا: نحن تجار المدينة وما يزيدك أحد.
قال: فإن الله قد زادني في الدرهم عشرة إلى سبعمائة إلى أضعاف كثيرة قال تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}[البقرة:٢٦١] ثم قال: أشهدكم أيها الناس أنها في سبيل الله؛ فتفرق الناس وهم يقولون: سقى الله ابن عوف من سلسبيل الجنة.
فقوله صلى الله عليه وسلم:{والصدقة تطفئ الخطيئة} يقول أهل العلم: من أعظم ما يكفر به العبد عن سيئاته إذا أساء الصلاة والصدقة.
قال الله تعالى:{وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ}[هود:١١٤].
فدل عليه الصلاة والسلام معاذاً على الصدقة؛ لأنها من أبواب الخير التي ذكرها المصطفى صلى الله عليه وسلم.