الاستعداد وترك التَّرَفُّه
استفدنا من هذه النكبة: أن علينا أن نستعد وأن نترك التَّرَفُّه، والشهيق والزفير، وحمامات السباحة، ومطاردة الحمام، والتزلج على الثلج، وبيع الأوقات الغالية في البلوت والكيرم، والأغاني الساقطة، فلن يبقى معنا إلا مبادئنا وإرادتنا ورجولتنا، تقول أم الملك الأندلسي حين ضيع ملكه:
ابكِ مثل النساء مُلكاً مضاعاً لم تحافظ عليه مثل الرجالِ
أنت الذي ضيَّع مجده ومبادئه وخلوده.
ذكر ابن كثير: أن معاوية بن أبي سفيان حضر صفين فخرج علي بن أبي طالب وتعرفون من هو علي أشهر ما فيه أنه حيدرة الأسد يقول:
أنا الذي سَّمتني أمي حيدره
كَلَيْثِ غاباتٍ كريه المنظره
أكيلكم بالسيف كيل السندره
كان إذا خرج الأبطال وضعوا الدروع في الأرض علامة: (خطر ممنوع الاقتراب!!) أخرج السيف يوم صفين وقال: [[مَن يبارز؟ قال المسلمون: بارز أنت يا معاوية، قال والله لا أقدر عليه، ثم ردها على عمرو بن العاص، وقال: يا عمرو بن العاص! بارز الرجل، قال: لا أريد، قال: عزمت عليك أن تبارزه، فخرج عمرو، فلما رأى علياً وضع درعه وسيفه، قال: (مكرهٌ أخاك لا بطل!!) وبدأت المعركة وفر معاوية، ولما وقف في الصحراء تذكر ابيات ابن الإطنابة الحجازي، الرائعة الجميلة التي حثَّته على حفظ المبادئ وحفظ أصالته ورجولته وإيمانه.
يقول ابن الإطنابة الحجازي وهو جاهلي أراد أن يفر لكن أبى عار الفرار قال:
أبت لي عفتي وأبى حيائي وأخذي الحمد بالثمن الربيح
وإقدامي على المكروه نفسي وضربي هامة الرجل السميح
وقولي كلما جشأت وجاشت مكانك تحمدي أو تستريحي
ذكرها معاوية فعاد إلى المعركة وانتصر بآخر المطاف]] والمقصود أن أهل المبادئ ولو كانوا أهل جاهلية يثبتون على مبادئهم، فالنار نار، والموت موت.
لبَّث قليلاً يشهد الهيجا جمل لا بأس بالموت إذا حان الأجل
أما التلوي، وتضييع الوقت، فليس من دأبنا.