وهذه المدرسة لا تكفر أهل الكبائر ما لم يستحلوها؛ خلافاً لمن زعم أن الدعاة يكفرون الناس ويبدعونهم {سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ}[النور:١٦] الدعاة من برز منهم وأصبح إمام مسجد أو أصبح يسمع له أو يستطيع الفتيا ولو في صغائر المسائل لا أعلم أحداً منهم يكفر مسلماً، ولا يكفر صاحب كبيرة ما لم يستحلها، وتجد من يتنكت على هؤلاء الدعاة ويعلق عليهم ويستهزئ بهم، لم يدرس الشريعة سنة واحدة، بينما أقل واحد من هؤلاء الدعاة درس الشريعة ست عشرة سنة، فانظر إلى الحيف! وانظر كيف تعطي القضية إلى غير أهلها، حتى إنك تجد بعض الكتبة يكتب عن التطرف، ويحلل التطرف وهو لا يحسن الشريعة ولا يجيد أن يتكلم عن الشرع، حتى أن بعض المنافقين يقول: هؤلاء الدعاء يفهمون الدين بالمقلوب!
سبحان الله!! أتباع دين محمد يفهمون الدين بالمقلوب! الذين قرأوا المنهج الرباني، وتبحروا في علم الكتاب والسنة يفهمون الدين بالمقلوب! فمن إذاً يفهم الدين فهماً صحيحاً راشداً؟!
من هو إذاً الذي يقود الأمة ويوجهها؟ ويخرجها من الظلمات إلى النور؟
من يرفع علم التوحيد إلا علماء الأمة ودعاتها، ولكنَّ مقصدهم من ذلك -وهم يعرفون أنهم جهلة بهذا الشرع- أن يبطلوا ثقة الناس بالعلم والدعاة والعلماء.
أيها الإخوة! هذه نصيحة أقولها سراً ولا تخبروا بها أحداً!! والمجالس بالأمانات وليكن كلامنا بيننا أثابكم الله: على طالب العلم والداعية أن يكسب ثقة الناس؛ فإذا كسب ثقة الناس فقد كسب الحب والرشد والقبول، ويُكسب ذلك بالعمل وبالعلم، وباتباع مدرسة أهل السنة والجماعة، واحترام أهل العلم، وجمع الكلمة؛ فإذا حصل هذا فليقل ما شاء.
ويستطيع ذلك حين لا يكون فظاً غليظاً، فإنه إذا كان فظاً غليظاً لا يرافقه أحد، قال تعالى:{وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ}[آل عمران:١٥٩] قال ابن المبارك:
وإذا صاحبت فاصحب ماجداً ذا عفاف وحياء وكرم
قوله للشيء لا إن قلت لا وإذا قلت نعم قال نعم
الموافقة في الخير، واللين، وهي مدرسة سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز، هل رأيت ألطف منه عبارة؟! هل سمعت أحسن منه إشارة؟! هل سمعت أنه قدح أو نال أو جرح؟
لا هو على الباطل سيف مصلت، لكن مع إخوانه وطلابه، ومع الدعاة هو المدرسة الربانية، والتوجيه والرشد، واللطافة والحكمة والهدوء؛ تتمثل في هذه المدرسة التي هو إمامها، أثابه الله وحفظه ذخراً للإسلام والمسلمين.