دعوة سليمان:{قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ}[ص:٣٥] وملكه عليه السلام أن سخر الله له الجن في ملكه، منهم الغواص، ومنهم البناء، كما قال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى:{وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ * هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ * وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ}[ص:٣٨ - ٤٠].
فالمقصود: أن دعوة سليمان في قوله: {قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي}[ص:٣٥] أي: لا تسخر الجن أو الريح لغيري، ولذلك لم يسخر الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى الريح تسخيراً ملكوتياً إلا لسليمان في مملكته.
وللفائدة نقول: إن سليمان عليه السلام إذا أراد الانتقال إلى الهند -مثلاً- يقول للريح: يا ريح! انقليني إلى الهند، فتأتي فتقترب منه، ثم تلف نفسها كأنها زوبعة أو كأنها بساط، فتحمله هو ووزراءه وحاشيته ومستشاريه، وتنقلهم، يقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى:{غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ}[سبأ:١٢]؛ لكن إذا ارتفعت بهم في الجو كيف تهبط بهم في الأرض؟ قال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى:{رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ}[ص:٣٦] رخاء: أي: إذا اقترب من الأرض تخفف السرعة قليلاً قليلاً حتى ينزل بهدوء.
فآية:{رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ}[ص:٣٦] هذه -بارك الله فيكم- كأن معناها -والله أعلم-: أنه إذا أراد بلداً أو اقترب من القرية، أرخت الريح نفسها، ولا تهبط به بعنف.
الشاهد: أن للرسول صلى الله عليه وسلم مواقف مع الجن.