الأدب اختلف في تعريفه، ونحن نحاول أن نقترب من التعريف المسدد بإذنه سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، وفي التعريف سعة، وليس فيه مشاحة بين أهل العلم، قيل: الأدب استعمال ما يجمل من الأقوال والأعمال والأحوال.
وقيل هو: أن تكون رضي الخلق سهل الطبيعة.
وقيل: هو أن تكون متأدباً بأدب الله الذي أنزله على رسوله وهذا تعريف لأهل الإسلام.
وقيل: هو أن تكون على تعاليم الكتاب والسنة، وعلى ما أتى به المصطفى صلى الله عليه وسلم، وهو مثل الذي قبله.
وقيل الأدب: هو ألا تخرج من الدين بفسق -نعوذ بالله- ولا من المروءة بخارمٍ، ويستحق هذا التعريف أن يكون عند أهل الجرح والتعديل.
الأدب فيه الواجب وفيه المستحب، والأدب -بارك الله فيكم- صبغة يجعلها الله ويحليها من يشاء سُبحَانَهُ وَتَعَالَى.
فالأدب ليس هو الشعر الذي تسمعونه، لا الحر ولا الحداثي، فهذا أمر آخر، لكن أهل الإسلام والحديث والتفسير والسير والفقه إذا تحدثوا عن الأدب فمعناه ما يجمل أو يحسن من الأقوال والأعمال الظاهرة والخفية، وأحسن ما يروض المسلم عليه في الأدب كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد أشار القرآن إلى كثير من الآيات في الأدب، قال لقمان لابنه وهو يعظه عليه السلام:{وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ}[لقمان:١٩] وهذا أدب.
لأن العجيب أن وصية لقمان عليه السلام لابنه، بدأت بالعقائد، ثم العبادات، ثم الأخلاق والأدب والسلوك، فقال:{يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}[لقمان:١٣] عقيدة، وقال:{يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ}[لقمان:١٧] عبادات، ثم قال:{واقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ}[لقمان:١٩] أدب، وهذا هو الأدب الذي يريده الله عز وجل من الناس.