ومما يدعو إلى مخافته سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: تذكر أنه شديد العقاب, وأنه إذا أخذ لم يفلت, وأنه سُبحَانَهُ وَتَعَالَى إذا انتقم انتقم انتقاماً قوياً, ولذلك يقول عمر وقد كتب لبعض عماله: اعلم أن الله شديد العقاب فهل نسيت ذلك؟ ويقول عمر بن عبد العزيز لـ عدي بن أرطأه:[[يا سبحان الله! ما الذي أذهلك حتى ظلمت واعتديت، أما مررت على المقابر؟ أما علمت أن الله شديد العقاب؟]].
يقول ابن تيمية: القلب بيت الرب, ولا يمكن أن يصح هذا البيت ولا أن ينقى ولا أن يصدق سُبحَانَهُ وَتَعَالَى إلا كلما لاحظت أن الله ينظر إليك.
كان الإمام أحمد إذا دخل بيته تربع وهو وحده وجلس خائفاً متخشعاً, فقالوا: ما لك تجلس مع الناس ولا تخشع، وإذا جلست وحدك خشعت؟ قال: يقول الله: {أنا جليس من ذكرني} كيف لا أتأدب معه تبارك وتعالى؟
هذا من أعظم ما يلاحظ مخافته سُبحَانَهُ وَتَعَالَى, أن يلاحظ المؤمن عين الله عز وجل ومراقبته, وإن لم تكن تراه فإنه يراك.
إذا علم هذا، فاعلموا -بارك الله فيكم- أنه قد صح في أحاديث أن الله عز وجل إذا حاسب العبد يوم القيامة يدني سُبحَانَهُ وَتَعَالَى كنفه من كنفه, أي: كنفه من كنف عبده, فيحاسبه ويقرره بذنوبه، فإذا رأى العبد أنه هلك أو أنه على شفير هلاك, قال الله عز وجل:{يا عبدي! أما خفتني في يوم من الأيام في الحياة الدنيا؟ فإن كان خافه العبد نجى وسلم بإذن الله وإن لم يكن هلك}.