للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الأدب في الحوار]

ومن المسائل الأدب في الحوار، ذكر ذلك ابن حجر والقاضي عياض وقال: فيه أدب الحوار، فإنه ما شنع عليه ولا لامه، ولا سبه ولا شتمه، وإنما تلطف فقال: أنت أبونا الذي خلقك الله بيده، كما قال تعالى: (لما خلقت بيدي) فالله صوره من طين بيده سُبحَانَهُ وَتَعَالَى تصويراً يليق بجلاله، ونفخ فيه من روحه، وأسجد له الملائكة، كل هذا من الفضل، قال: ثم لامه: أنت خيبتنا وأنزلتنا إلى الدنيا، فأذنبنا، وأخطأنا وأسرفنا، وكأنه يقول: أنا قتلت نفساً، وفعلت وفعلت، وفعل بنو إسرائيل هذه المصائب والجرائم وكلها بعد أن نزلنا من الدنيا، فكيف يا أبانا فعلت بنا هذا الفعل؟ فآدم يتلطف معه ويقول: أنت موسى.

أي: ليت الخطاب جاء من غيرك، كأنك تقول أنت الولد الذكي أو الرجل الكريم، ولذلك يقول عمر كما في البخاري لـ عثمان لما تأخر عن صلاة الجمعة: وتأتي في هذا الوقت! لأن عثمان من مشاهير الإسلام ومن السابقين ومن العشرة المبشرين بالجنة فكيف يتأخر! أي ليت التأخر من غيرك؛ فإنه لو كان الخطاب من موسى ما كان قال آدم ذلك، فقال: أنت موسى الذي اصطفاك برسالاته، وكلمك، وكتب التوراة لك بيده، كيف تلومني على هذا؟!

<<  <  ج:
ص:  >  >>