[معنى الشيطان]
أعوذ: ألتجئ بالله، فلا يمنعك إلا الله.
والاستعاذة من شيطانين: شيطان الإنس وشيطان الجن، وشيطان الجن يختفي إذا استعذت منه، وشيطان الإنس يلابسك ولكن عليك بالحروز.
يقول الذهبي لما ترجم لرجل: "إذا رأيت رجلاً يدعوك إلى خلاف السنة فاستعذ بالله منه فإنه أبو جهل، وابرك على صدره واقرأ عليه آية الكرسي إن استطعت وإلا ففر منه".
فالمقصود أن في القرآن قوله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [الأعراف:٢٠٠] وقد جاءت بعد: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [فصلت:٣٤] ووردت الاستعاذة في آيات أخرى لكن لا أريد أن أطيل.
ولكن الشيطان شيطان أنس وشيطان جن، فشيطان الجن تستعيذ منه ويختفي، وشيطان الإنس تداريه وتداريه بالهدية والإحسان وتستجير منه حتى يختفي عنك، فهذا شيطان وذاك شيطان، فأما الشيطان الإنسي فأمرنا بالمصانعة معه: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [فصلت:٣٤] وأما شيطان الجن فأمرنا بمصارعته وبمقاتلته فلا ينفع فيه إلا القتال، وأعظم قتال هو أن تقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
إذا غضبت فقل: أعوذ بالله.
وإذا أصابتك غفلة أو شهوة أو شيء من جنوح أو شيء من شرود فقل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
وأكبر ما نصل إليه من القضايا في "أعوذ" أنها بمعنى: أستجير وأستعيذ وألتجئ وأستكفي فهذه المعاني كلها في معنى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
والشيطان: قالوا: من شاط أي احترق أو هلك.
أو من تشيطن أي: بعد، تشيطنت الديار أي بعدت، فلا يهمنا هذا ولا يهمنا هذا ولكن الشيطان خلق من خلق الله، لا يخرج عن قدرة الله، خلقه الله للابتلاء، ولو لم يخلق الله الشيطان لدخل الناس الجنة، لكن الله أخذ على نفسه أن يملأ الجنة وأن يملأ النار، لهذه ملؤها ولهذه ملؤها، والشيطان الرجيم يوسوس لك وهو أعظم عدو لك في الدنيا، وعليك بحروز:
أولها: أن تستعيذ بالله، فأنت إذا استعذت بالله شرد عنك وفر.
ثانياً: الأذان، فإنه إذا سمع الأذان شرد وهرب.
ثالثاً: مداومة الذكر.
رابعاً: الصلاة، فإنك إذا توضأت وصليت قتله هذا الأمر.
خامساً: قراءة القرآن بتدبر.
سادساً: التعوذات والحروز التي في القرآن كآية الكرسي، والمعوذات والإخلاص وغيرها.
سابعاً: تهليل مائة تهليلة في الصباح وفي المساء فلا يقربك شيطان أبداً.
ثامناً: قراءة سورة البقرة في البيت: {فبيت تقرأ فيه سورة البقرة لا يقربه شيطان أبداً} حديث صحيح.
والشيطان الرجيم: فيه خلاف.
قالوا: هو من الجن.
ولا يهمنا هل هو من الجن أو من بني سلمة أو من خلق الإنسان، إنما يهمنا أن الله خلقه ابتلاء للعبد، وأن مدافعته لا تأتي إلا بهذه الأمور التي أوردناها وقد أوردها ابن القيم في بدائع الفوائد عندما فسر سورة: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون:١].
وهذه الأمور هي حروز من الشيطان.
والشيطان هل يموت أم لا؟ وهو كأنه يتناسل، والله قد أنظره سُبحَانَهُ وَتَعَالَى فقال: {قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ} [الأعراف:١٥] وقوله تعالى: {إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ} [الحجر:٣٨] فأنظره الله إلى يوم القيامة فهو يوسوس، وعرشه وكرسيه نصبه على البحر، ومن الصباح يوزع جنوده ويرسلهم في المهمات وأعظمهم من يأتي فيقول: فرقت بين المرء وزوجه، فيقول: أنت حبيبي وقريني.
والشيطان يحب الأسواق لأنها ضجة وصجة، ويكره المساجد.
والشيطان يحب اللغط وارتفاع الأصوات.
والشيطان يرتاد الأماكن القذرة والنجاسات في المراحيض والحمامات.
والشيطان يدخل مع الإنسان وقت الغضب فيوسوس له وخاصة في وقت الشهوة والغفلة، فمنافذ المعصية ثلاثة منافذ: غضب وشهوة وغفلة، فإذا وصلتك هذه الأمور دخل الشيطان معك فيها.
هذا هو الشيطان، والشيطان يعدك الفقر؛ فهو يأتيك بالهواجس بأنك سوف تكون تعيساً في حياتك، والله يعدك مغفرة منه وفضلاً والله واسع عليم.
والشيطان يأمرك بالفاحشة.
والشيطان يخيل لك الحوادث والزلازل والكرب.
هذا هو الشيطان وهذا هو تعريفه المعنوي، ولا ندخل في التشقيقات اللفظية.