كان من هديه عليه الصلاة والسلام الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان.
والاعتكاف: لزوم مسجدٍ لطاعة الله عز وجل، فيحيي قلبه بالذكر والتلاوة، ويقطع مشاغله وارتباطاته بالناس، ويحيا مع الله عز وجل، فيفرغ القلب لمولاه، ويكثر من دعاء ربه تبارك وتعالى، ويحيي قلبه بالآيات البينات.
والاعتكاف سنة من أحسن السنن وقد عطل إلا من بعض الأشخاص، وهو أحسن ما يمكن أن يربى به القلب، يوم تتفرغ من الناس، ومن كلامهم، والاتصال بهم، لتتصل برب الناس وملكهم وإلههم، وهل ثَم أحسن من هذا؟
وكان من هديه صلى الله عليه وسلم في رمضان أن يبشر به الأمة الإسلامية الخالدة، أمة لا إله إلا الله، وفي بعض الآثار:{أن الله عز وجل يعتق في كل ليلة من ليالي رمضان مائة ألف، وأما في آخر ليلة فيعتق بقدر ما أعتق في كل ليلة مرت}.
فهل بعد هذا من بشرى للأمة؟ إنها مبشرات وليست بشرى واحدة، وإنها مكرمات وليست مكرمة واحدة، وإنها أعطيات وليست أعطية واحدة، وكان عليه الصلاة والسلام في رمضان يقوم الليل -كم أسلفت- وربما قام الناس معه جماعة، وربما ترك عليه الصلاة والسلام الجماعة وصلى وحده، ولذلك أتى عمر فجمع الناس في صلاة التراويح.