للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[صحة أثر: [ما أمن النفاق إلا منافق]]

السؤال

ما صحة الأثر القائل: [[ما خافه -أي: النفاق- إلا مؤمن، ولا أمنه إلا منافق]

الجواب

الحمد لله، هذا الأثر لا بد أن يُعتنى به، وأن يفهم، وهو عن الحسن البصري رحمه الله، كما علَّقه البخاري في صحيحه في كتاب الإيمان، قال: [[ما خافه إلا مؤمن، ولا أمنه إلا منافق]] يعني: ما خاف النفاق إلا مؤمن، ولا أمن النفاق إلا منافق، فالمؤمن دائماً يخاف النفاق، ويخاف من الرياء والسمعة، ودائماً يتوجد ويوجل، ودائماً يحاسب نفسه خوفاً من النفاق أن يكون فيه، فهو دائماً يخاف هذا الأمر؛ لأنه مؤمن، وأما المنافق فيمضي قدماً لا يلوي على شيء، وإن قلت له: نخاف أن يكون عملك رياءً، قال: ليس في عملي رياء، ولا سمعة، ولا نفاق، أنا مخلص.

فمن ادعى الإخلاص يُخشى عليه من النفاق.

وفي صحيح البخاري في كتاب الصلاة بوب البخاري باب: الصلاة كفارة، عن حذيفة قال: قال لنا عمر ونحن جلوس عنده: {أيكم يحفظ قول الرسول صلى الله عليه وسلم في الفتنة؟ قال: قلت: أنا، قال: إنك عليها لجريء، قال: سمعته يقول: فتنة الرجل في أهله وماله وولده تكفرها الصلاة والصوم والصدقة، قال عمر: لست عن هذا أسألك، لكن أسألك عن الفتنة التي تموج موج البحر، قال: قلت يا أمير المؤمنين! ليس عليك منها بأس، إن دونك ودونها باباً، قال: أيكسر الباب أم يفتح؟ قال قلت: بل يكسر، قال عمر: ذاك أولى ألا يُغلق أبداً، قيل لـ حذيفة: علم عمر من هو الباب؟ قال حذيفة: إي والله كما أن دون الليلة البارحة} فالباب معناه عمر، وإنما الشاهد في القصة قول عمر: في غير رواية البخاري: [[يا حذيفة! أسألك بالله أسماني رسول الله من المنافقين؟!]] يا لله العجب! إذا كان عمر مسمى من المنافقين فمن المخلص إذاً؟! ومن المقبول إذاً؟! لكن هذا الخوف من الله، الخوف من النفاق [[فدمعت عينا حذيفة وقال: لا والله ما سماك من المنافقين ولا أزكي أحداً بعدك]].

فمعنى أثر الحسن البصري: ما خافه -أي النفاق- على إيمانه إلا مؤمن، وما أمنه إلا منافق أي: لم يخف من النفاق.

ولذلك يقول ابن مسعود كما أثر عنه: [[إن المؤمن ينظر إلى ذنوبه كأنها جبل يريد أن يسقط عليه، والمنافق والفاجر ينظر إلى ذنوبه كأنه ذبابٌ طار على أنفه فقال به هكذا]].

<<  <  ج:
ص:  >  >>