أهل السنة وسط في العبادة، فلا يكسلون، ولا يجفون، ولا يتركون النوافل، ولا يقصرون في أداء حقوق الله عز وجل بل يتزودون بالنوافل ويعلمون أن أقرب الناس إلى الله أكثرهم نافلة، كما قال عليه الصلاة والسلام في الحديث القدسي:{ولا يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به} الحديث.
وعند مسلم عن ربيعة بن مالك قال:{أريد مرافقتك في الجنة يا رسول الله! قال: أوغير ذلك؟ قال: هو ذاك، قال: أعني على نفسك بكثرة السجود}.
وعند مسلم عن ثوبان:{فإنك لن تسجد لله سجدة إلا رفعك بها درجة} فإذا رأيت الإنسان لا نافلة له، فاعلم أن هذا لمرضٍ فيه، بل بعضهم يترك العشر النوافل التي كان يحافظ عليها الرسول صلى الله عليه وسلم وهي السنن الراتبة، وقد قال كثير من العلماء: من تركها فهو رجل سوء، وهي:
ركعتان قبل الظهر وركعتان بعدها، وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء، وركعتان قبل الفجر، فهذه العشر التي حافظ عليها الرسول صلى الله عليه وسلم مع الوتر وركعتي الضحى، ومثل صيام ثلاثة أيام من كل شهر، فهذا هو الوسط.
وأما قوم فزادوا على أنفسهم، فسردوا الأيام كلها صياماً، وقاموا الليل كله، وختموا القرآن في يوم؛ فانقطعوا، وأهل السنة وسط بين هؤلاء وهؤلاء، ودل على ذلك قوله عليه الصلاة والسلام:{القصد القصد تبلغوا}{فإن المنبتّ -وقد أرسله ابن المنكدر ففي الحديث نظر- لا ظهراً أبقى ولا أرضاً قطع}{إن هذا الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبة} أو كما قال عليه الصلاة والسلام.