بوب البخاري رحمه الله لهذا الحديث (باب من رفع صوته بالعلم) وأخذ من هذا الحديث ملاحقة النبي صلى الله عليه وسلم بالتربية والتعليم لأصحابه في كل شأن، كبير وصغير، ويقول العباس بن عبد المطلب عم الرسول صلى الله عليه وسلم:[[والله، والله، والله ما رجل معه قطيعة من الغنم يحدب عليها ويهش عليها من الشجر، ويظلها من الشمس ويكفها من المطر بأحرص من محمد صلى الله عليه وسلم على أمته]].
قيل لـ سلمان: علمكم نبيكم صلى الله عليه وسلم كل شيء؟ قال:{والله ما ترك لنا من شيء حتى ما من طائر يطير بجناحيه إلا أعطى منه خبراً}.
كان عليه الصلاة والسلام يعلم الناس، ولذلك يقول ابن تيمية رحمه الله: لا بد للمسلم أن يولد في الإسلام ولادتين، مرة يوم أتت به أمه، ومرة يولد في هذه الشريعة، ثم يقول رحمه الله: وأرض لم تشرق عليها شمس الرسالة أرض ملعونة، وقلب لم يشرق عليه هذا الدين قلب مغضوب عليه، ويقول في قراءة أبي "وأزواجه أمهاتهم"، قال: قرأ أبي: وهو أب لهم.
كان يعلم الناس مثلما يعلم الأب أبناءه، بل والذي نفسي بيده لهو أحرص على تعليم الناس من الأب على تعليم أبنائه، يأتي إلى الناس فيعلمهم قضاء الحاجة هل هناك معلم في البشر، أو زعيم من الزعماء، أو عظيم من العظماء وقف أمام أمته وأخبرهم كيف يقضون الحاجة، هذا عليه الصلاة والسلام علمهم كيف يقضون الحاجة، بل يقول أهل العلم: فيها أكثر من عشرة أحاديث صحيحة -وأيضاً- وما يقارب العشرة فيها ضعف، علمهم ألا يستقبلوا القبلة، ولا يستدبروها، علمهم كيف يجلس الإنسان، وماذا يقول إذا دخل الخلاء، وماذا يقول إذا خرج، ومتى يرفع ثوبه، وكيف يقضي حاجته، وهل يذكر الله، وهل يرد على الذي يسلم عليه، وأن يرتاد مكاناً رخواً، ثم علمهم شعيرة السواك، فأتى بالأحاديث وهي ما يقارب الثمانية كلها صحيحة، فهل هناك معلم وراء هذا التعليم؟!!
ولذلك والله ما مات حتى ما ترك خيراً إلا دلنا عليه، وما ترك شراً إلا حذرنا منه، فعليه أفضل الصلاة والسلام، كل مسلم في عنقه يد بيضاء للرسول صلى الله عليه وسلم، وكل داعية يقوم أو عالم يتكلم أو طالب علم يريد أن يفهم مسألة أو مؤذن يؤذن في منارة أو إمام يؤم الناس فهو إصبع من يد محمد صلى الله عليه وسلم وهو ورقة من دوحته المنيفة:
المصلحون أصابع جمعت يداً هي أنت بل أنت اليد البيضاء
فعليه أفضل الصلاة والسلام.
وبعد فترة إن شاء الله سوف نعايش في مسائل وأحكام قضايا المرأة، قضايا الحيض والنفاس، فهو يعلم المرأة ويفهمها عليه أفضل الصلاة والسلام ويفقهها في الدين بروية وتمهل في كل مسألة تخصها جليلاً كان أو حقيراً، كبيراً كان أو صغيراً.