[الجدية في العقيدة]
إن من صور الجدية التي يجب على الشباب أن يعيشوها: الجدية في العقيدة.
فالمؤمن يحمل رسالة ومبادئ، والمؤمن يعلم أنه بحمل عقيدته هذه مطالب أمام الله ماذا قدم لها؟
فيا إخوتي في الله! معنى أخذ عقيدة التوحيد بجدية أن تعيش لها, وأن تكون عندك أغلى من أمك وأبيك وزوجتك وولدك, وأن تعلم أن جمجمتك التي فوق كتفيك ثمن للعقيدة: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة:١١١] فتحيا بالعقيدة, وتموت للعقيدة, وترضى من أجلها, وتغضب من أجلها ثم لا تساوم على عقيدتك بثمن من الأثمان, ولا تبعها بشيء من الأشياء إني أعلم أن قطاعاً من الشباب لضعف عقيدته قد يتخلى عن شيء من مبادئه بسبب خوف, أو رغبة في شيء من الدنيا, أو مجاملة أو أمر آخر، ومعنى ذلك أنه ناقص الإيمان.
يا عجباً! يسجن الكافر ويعذب من أجل عقيدته! يقال له: عد عن عقيدتك وكفرك, فيقول: لا.
والمؤمن -أحياناً- قد يتخلى عن بعض عقيدته أو شيء من صلب عقيدته خوفاً من البشر, أو رغبة فيما عند البشر, وهذا خطأ كبير.
انظر إلى حبيب بن زيد رضي الله عنه ذاكم الشاب الطموح، الذي يقدَّم إلى مسيلمة الكذاب، فيطلب منه مسيلمة أن يعود عن دينه فيأبى, فيقطع منه قطعة من لحمه وتسقط على الأرض، فيأبى، فيقطع قطعة ثانية، فيأبى، وثالثة، فيأبى، حتى يقطع جسمه كله.
ودخل عبد الله بن حذافة السهمي على ملك فارس وقيل ملك الروم؛ فرأى أجسام المؤمنين وهي تغلي في القدور, فقال: تعود عن دينك وأعطيك نصف ملكي.
قال: والذي لا إله إلا هو, لو أعطيتني ملكك وملك آبائك وأجدادك على أن أعود عن ديني طرفة عين ما فعلت ذلك.
وغيرهم كثير، بل بعض المؤمنين حرق بالنار وبقي على لا إله إلا الله حتى مات.
رفع خبيب بن عدي على المشنقة وأخذ ينشد ويقول:
ولست أبالي حين أقتل مسلماً على أي جنب كان في الله مصرعي
وذلك في ذات الإله وإن يشأ يبارك على أوصال شلوٍ ممزع
حتى مات ولم يعد عن دينه.
يقول له أبو سفيان وهو على المشنقة: أتريد يا خُبيب أن محمداً مكانك؟ قال: والذي نفسي بيده, ما أريد أني في أهلي وفي مالي وأن محمداً يصاب بشوكة.
لله درك! وبارك الله في أشلائك, وجمعنا بك في دار الكرامة.