للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[شروط جواز لعب كرة القدم]

السؤال

أنا شاب ملتزم والحمد لله، ولكنني أحب نادياً معيناً، وأتمنى دائماً أن يفوز، وبعض الأحيان أشاهد مبارياته عن طريق التلفزيون، فما رأيكم في ذلك جزاكم الله خيراً؟

الجواب

الأخ الذي ذكر هذا لا لوم عليه في هذا، لكن لا بد أن أفصل له الكلام، النوادي كنواد هي لا تحرم لأمكنتها، فأمكنتها مثل أمكنة مجالس الناس وبيوتهم، تراب وشجر وماء وحجارة، لكنها تأخذ الصفات لما يحدث فيها، وغالب النوادي إلا ما رحم ربك يخاف عليها من ثلاث قضايا كبرى:

أولها: مسألة الولاء والبراء، فهم في المعتقد يوالون ويعادون لغير الله، ويرضون ويغضبون لغير الله، ويقيمون الدنيا ولا يقعدونها لغير الله عز وجل، وهذا ليس بصحيح، فهو خرم في المعتقد والتوحيد الذي أتى به محمد عليه الصلاة والسلام.

ثانيها: ويخشى عليهم من قضية كبرى ثانية وهي قاصمة من قواصم الظهر وهي: ترك الصلاة، أو تأخيرها عن وقتها، فإذا أخرت عن وقتها حتى خرج لا يقبلها الله أبداً من أهل الملعب جميعاً، وهذا معروف، من ترك الصلاة بغير عذر حتى يخرج وقتها فقد انتهى، فصلاته انتهت فلا صلاة له، وهناك خلاف بين أهل العلم هل يقضي أو لا يقضي؟ ورجح كثير منهم ألا يقضي لأنه في تلك الفترة تركها متعمداً فهو كافر، لكن عليه أن يتوب ويعود إلى الإسلام.

ثالثها: قضية كشف العورة والتبذل في اللعب، والإسلام يأمر بالستر.

وهذه القضايا أكثر ما يدار في النوادي، فإذا خلت من هذه الأمور فهي كغيرها، بشرط أن تكون في وقت محدد، لا تطغى على وقت الجد، ولا تعارض الصلاة، ولا تدخل في المعتقد فيكون الولاء والبراء من أجلها سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، وتكون بلباس ساتر فلا بأس، ولا بأس أنك تحضر وتلقي كلمة، وتؤثر في الشباب؛ لأن بعض الناس يتوخى، أو إذا نظر إلى النادي من بعيد وقال: (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق) وهذا ليس بصحيح، الذي في المسجد لم يأت إلا ليصلي، ونحن لا نتكلم إلا في أهل المسجد، يصلون المغرب فنقوم بعد صلاة المغرب، فنقول: صلوا يا عباد الله! اتقوا الله لا يعذبكم الله بالنار، وهم أتوا يصلون قبل أن يسمعوا الكلام.

لكن أهل المقاهي أهل الملاهي أهل النوادي من يدعوهم؟ الرسول صلى الله عليه وسلم ذهب إلى سوق عكاظ وخطب، وسوق مجنة وذي المجاز، وعرض نفسه على العرب، فكان يأتي إلى السكارين المكارين الذين يعاقرون الخمر والكأس بأيديهم ويتكلم معهم صلى الله عليه وسلم، يدخل على المنافقين واليهود والنصارى ليعرض دينه وإسلامه، فالناس لا يأتونك وأنت في المسجد، ولا في زاوية المسجد ويسألونك: هل روى قتادة عن الأعمش أو الأعمش عن قتادة؟!! فهم ينتظرون من يأتي ليوصل لهم هذا الدين، والرسول صلى الله عليه وسلم لم يأب يوماً من الأيام وسيلة مباحة في خدمة الإسلام والدين.

أتاه ركانة وهو مصارع جهبذ كبير، فقال: لا أسلم حتى أصارعك!! وهو أقوى رجل في العرب، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم -ما دام أن فيها خدمة لرفع لا إله إلا الله وانتصار الإسلام فلا بأس- فصارعه، فصرعه المصطفى صلى الله عليه وسلم، وحمله ثانية صلى الله عليه وسلم وطرحه أرضاً، وثالثة: فأنزله أرضاً، فشهد أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا الله، وأن محمداً رسول الله.

فبعض الناس لا يدخل الإسلام حتى تكون أرجله فوق رأسه.

فالمقصود أن هذه من الوسائل المباحة، بشرط الوسائل.

وأنبه أهل النوادي إلى ألا يجعلوا النوادي غايات، فليست غايتنا أن نعلم الناس الكرة، فالأوروبيون علمونا الكرة، وبنوا لنا القصور ومدوا الجسور، فلن نغلبهم في هذه المستويات أبداً، والله لم يرسلنا للناس لنبني قصوراً، ونصنع لهم ثلاجات وطائرات وبرادات، لكنه أرسلنا سُبحَانَهُ وَتَعَالَىَ لنهدي الناس، ولندلهم على طريق الجنة، ولنوجههم إلى الصراط المستقيم.

فقضية أن رسالتنا لعب كرة ليس بصحيح، بل رسالتنا دعوة، ومن وسائلنا الرياضة، فحبذا أن المنتخب إذا ذهب إلى أوروبا أن يحمل لا إله إلا الله محمد رسول الله، أحد علمائهم يقول: أهدينا لكم الثلاجة والبرادة والسخانة وما أهديتم لنا الإسلام.

أحد دعاة الإسلام سكن في ميونيخ في ألمانيا، فيوم سكن هناك رأى لوحة مكتوب عليها: أنت لا تعرف إطارات يوكوهاما، فكتب تحتها بالألمانية: وأنت لا تعرف الإسلام، إن كنت تريد أن تعرف الإسلام اتصل بتلفون كذا وكذا وأعطاه التلفون، فكانوا يتصلون عليه، فهدى الله على يديه مائتي ألف ألماني؛ لأن الناس ليسوا بحاجة إلى أن يعرفوا إطارات يوكوهاما، لكنهم بحاجة إلى أن يعرفوا طريق الجنة، وكيف ينجون بأنفسهم، كيف يخرجون بأنفسهم من النار والعار والدمار، هذا أمر، فأما أن نعلم الناس الكرة فهم الذين علمونا.

<<  <  ج:
ص:  >  >>