يقول سلمة: جلست يوم الحديبية وقد توزعنا تحت شجر، قال: فلما توزعنا نمت تحت شجرة، وإذا بخمسة من الكفار جلسوا بجانبي ووقعوا في عرض الرسول صلى الله عليه وسلم في الشتيمة، يشتمونه وكان معهم سلاح، قال: فتركتهم حتى ناموا وقد علقوا سلاحهم في الشجرة وما يعرفون من أنا.
قال: فلما علقوا سلاحهم قمت عليهم وجمعت سيوفهم بيدي اليسرى ثم سللت سيفي باليد اليمنى، قال: ثم أوقفتهم واحداً واحداً وليس عندهم سلاح، قلت: والذي شرف محمداً صلى الله عليه وسلم بالرسالة إما أن تذهبوا معي الآن إليه وإما أن أضرب الذي فيه عيونكم -يعني: رءوسهم- فقاموا معه قال: فأخذت أسوقهم قبلي كما تُساق الماعز، حتى وقفت أمام الرسول صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله! ائذن لي أن أضرب أعناق هؤلاء؛ فإنهم شتموك، فتبسم صلى الله عليه وسلم وقال: اجلسوا، من أين أتيتم؟ قالوا: نحن ثمامنون رجلاً أتينا ونزلنا من جبل نريد اغتيالك.
فأخبروه قبل أن يستخبرهم وهو صلى الله عليه وسلم لم يدر أنهم ثمانون، ولم يعلم صلى الله عليه وسلم بهذا، فطوق صلى الله عليه وسلم المكان، وأنزل الثمانين وأخذ سلاحهم، قال سبحانه وتعالى:{وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً}[الفتح:٢٤] فلما نزلوا على حكمه صلى الله عليه وسلم عفا عنهم، فسلم الله رسوله والمؤمنين من محاولاتهم وسلمهم من الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنين.