صحَّ في حديث قدسي من حديث أسماء بنت يزيد قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: {إذا جمع الله الأولين والآخرين ليوم لا ريب فيه، دعاهم بصوت يَسْمَعُه مَن بَعُدَ كما يَسْمَعُه مَن قَرُبَ، فيقول جل ذكره: يا أيها الناس! إني رفعت لكم أنساباً في الدنيا؛ فوضعتموها ورفعتم أنسابكم، فاليوم أرفع نسبي وأضع أنسابكم}.
فالله عز وجل وضع لنا نسباً نتناسب به في الحياة وهو:{إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}[الحجرات:١٣] فرفضنا - إلا من رحم الله - هذا النسب، وقلنا: فلان بن فلان من أسرة آل فلان، وفلان بن فلان من أسرة آل فلان، فيوم القيامة يسقط الله هذه الأوسمة: صاحب السماحة، صاحب السعادة، صاحب الفضيلة ويَرْفَعُ:{إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}[الحجرات:١٣].
فهذه النسبة حق على المسلم أن ينتسب بها، فإن بلالاً كان قبل الإسلام لا يُنْظَر إليه، وكان مِنْ سَقَطِ المتاع، لا يساوي عند الجاهليين الوثنيين فلساً واحداً، لا ينظرون إليه إلا كما ينظرون إلى الدابة التي تأكل وتشرب، فلما أتى الإسلام جعله صلى الله عليه وسلم مؤذن الإسلام.
وقل لـ بلال العزم من قلب صادق أرحنا بها إن كنت حقاً مصليا
توضأ بماء التوبة اليوم مخلصاً به ترقى أبواب الجنان الثمانيا
كان عمر! إذا سمع بلالاً يؤذن بكى، وقال:{أبو بكر سيدُنا وأعتق سيدَنا}.
رحمك الله يا عمر - والله - لو كنت في الجاهلية ما قلت هذه الكلمة، كنت وأنت في الجاهلية وبلال في الجاهلية، لا تنظر له ولا تعادله بفلس واحد، فلما أسلمتَ وعرفتَ الله قلتَ: بلالاً سيدُك، فرفعك الله بهذا التواضع، فإن الله يرفع المتواضعين.