[السعادة والصلاة]
إخوتي في الله: وجد في الساحة بعض الأمور التي طرحت، وضل بها الناس -عسكريون ومندوبون- وهي حرب شعواء وجهت لمن ترك الصلاة، وما بقي معنا من حبال الإسلام إلا الصلاة، ولذلك لما طعن عمر رضي الله عنه وأرضاه وهو في سكرات الموت، قال: [[الله الله في الصلاة، لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة]].
والرسول عليه الصلاة والسلام وهو في سكرات موته نادى بالصلاة، وحث عليها، وتوعد من تركها، فإذا علم ذلك؛ فما وجد في الساحة من أمور تجرك إلى الفاحشة والجريمة، إنما هي من تخطيط المستعمر، وهي حرب استشراقية المجلة الخليعة والأغنية الماجنة والفيديو المهدم كل ذلك يقود الأمة إلى العار والدمار، وأذكياء الغرب وأساطين الغرب بدءوا الآن يعلمون أنه لا حل لهم إلا الإسلام، ومن ينظر إلى كتاب الأمريكي دايل كرنجي؛ يعلم أنه عرف الطريق لكنه ما عرف السعادة، يقول: (لا سعادة إلا أن تتعرف على الله) ومن أراد فليقرأ الكتاب، فهو موجود في أسواقنا ومكتباتنا لكن لما رخصت قيمة المسلم في نفسه بترك الصلاة بدأ يزاول هذه المعاصي المجلة الخليعة التي تحمل الصورة الداعرة؛ فتحبب الفاحشة والجريمة، والأغنية التي تشغل القلب وتلهيه عن محبوبه ومطلوبه وهو الله الواحد الأحد.
قال ابن عباس ويرسل ربنا ريحاً تهز ذوائب الأغصان
فتثير أصواتاً تلذ لمسمع الـ إنسان كالنغمات بالأوزان
يا خيبة الآذان لا تتعوضي بلذاذة الأوتار والعيدان
الصور التي تعرض في الساحة كلها لإضلال القلوب ولصدها عن باريها تبارك وتعالى، لكن ما هو سر الخطر؟ إنه يوم أن ترك بعضنا الصلاة، وتهاون بعضنا بالصلاة أحد الأدباء العالميين المسلمين الكبار أتى إلى الجزيرة؛ فرأى المساجد ترتفع منائرها في السماء، ورآها مزخرفة وجميلة، لكنه لم ير مصلين؛ فبكى وقال:
أرى التفكير أدركه خمول ولم تبق العزائم في اشتعال
وأصبح وعظكم من غير نور ولا سحر يطل من المقال
وجلجلة الأذان بكل حي ولكن أين صوت من بلال
منائركم علت في كل ساح ومسجدكم من العباد خال
والعجب كل العجب أن الله يؤتي العبد ما تمنى، فمن كانت إرادته حفظ الله حفظه الله، ومن كان مقصده الزيغ أزاغ الله قلبه وهذا في القرآن، يقول الله لمن أراد وجهه سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت:٦٩] ويقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى للزائغين: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} [الصف:٥].
أحد الصالحين اسمه عامر بن ثابت بن عبد الله بن الزبير كان إذا صلى الصبح رفع يديه وقال: [[اللهم إني أسألك الميتة الحسنة، قالوا: ما هي الميتة الحسنة؟ قال: أن يتوفاني ربي وأنا ساجد، فأتته سكرات الموت وأذن لصلاة المغرب فقال: احملوني إلى المسجد، قالوا: أنت في الموت كيف نحملك إلى المسجد؟ قال: سبحان الله!! أسمع حيّ على الصلاة، حيّ على الفلاح وأموت هنا، لا والله! فحملوه على الأكتاف ووضعوه في المسجد فصلى جالساً، فلما كان في السجدة الأخيرة قبض الله روحه]] ولذلك يقول محمد إقبال شاعر الإسلام:
نحن الذين إذا دعوا لصلاتهم والحرب تسقي الأرض جاماً أحمرا
هذا محمد إقبال عاش أربع لغات، وأربعة شعوب، وأربعة مبادئ، عاش في الهند وبريطانيا وألمانيا، ثم عاش في الإسلام فكان خاتمته الإسلام كان يدرس الاستشراق والفلسفة والمنطق، فرجع فقرأ سيرة الصحابة فكان يمطر الكتب بالدموع يقول في قصيدة منثورة أتى بها أبو الحسن الندوي في كتاب روائع إقبال، يقول: (يا رسول الله! أنا ملأت أنفي من تراب مدينتك فأخرجت حب الحضارة الغربية من قلبي.
يا رسول الله! خذ من أعصابنا طنباً لخيمتك، ومن جماجمنا ابن عليها قصرك) ويقول لما زار لندن في محفل يتكلم عن الإسلام وعن شهداء أحد يقول:
من ذا الذي رفع السيوف ليرفع اسمك فوق هامات النجوم منارا
كنا جبالاً في الجبال وربما صرنا على موج البحار بحارا
بمعابد الإفرنج كان آذاننا قبل الكتائب يفتح الأمصارا
لم تنس أفريقيا ولا صحراؤها سجداتنا والأرض تقذف نارا
ويقول في صلاة الصحابة في الخوف، والسيوف تضرب، والرماح تتكسر على رءوسهم:
نحن الذين إذا دعوا لصلاتهم والحرب تسقي الأرض جاماً أحمرا
جعلوا الوجوه إلى الحجاز فكبروا في مسمع الروح الأمين فكبرا