قال الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى:{كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتاً}[البقرة:٢٨] قال ابن عباس: [[كنتم نطفاً]] أي: نطفة, وقال غيره: كنتم عدماً, أي: كنتم أمواتاً في عالم العدم, لأنه إن كان ميتاً فلا يكون عدماً, يعني: كنتم أمواتاً في الأصلاب؛ لأن الميت له وجود, قال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى في الذي لا يوجد:{هَلْ أَتَى عَلَى الْأِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً * إِنَّا خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً}[الإنسان:١ - ٢].
ولذلك لما أتى العاص بن وائل وفت العظم ونفخه وقال:{يا محمد! تزعم أن ربك يحيي هذا؟! قال: نعم ويدخلك النار} قال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ}[يس:٧٨ - ٧٩] فكيف تكفرون وكنتم ماءً، أو كنتم قبل الماء في العدم فأتى بكم الله من العدم, فلما أحياكم وبصَّركم وأسمعكم ورزقكم وأطعمكم وسقاكم وساقكم وأوقفكم كفرتم بالله!! هذا جحدان ونكران، وهذا هو -والله- أخبث المعتقدات، ولم يحصل ظلم في العالم أظلم من الكفر.