للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[فقه ابن عباس في سورة النصر]

جمع عمر رضي الله عنه وأرضاه الصحابة، وسبب جمعهم: أن ابن عباس كان يدخل عليهم وعمره أنذاك [١٣] سنة، وكان ذكياً فطناً، دعا له صلى الله عليه وسلم في الليل الدامس أن يفقهه الله في الدين، وأن يعلمه التأويل، فكان إذا نزلت السورة كُتِبَ معناها في قلب ابن عباس، وكان عمر رضي الله عنه وأرضاه خليفة، وأعضاء مجلس الشورى عنده من كبار الصحابة يشترط فيهم أن يكونوا من أهل بدر، ومن العشرة المبشرين بالجنة، أما بقية الناس فلا يدخلون، فيدخل كبار الناس والعلماء، ويدخل معهم ابن عباس، فيُجْلِس ابن عباس على يمينه، وفي الأخير تكلم العشرة وتكلم بقية الصحابة، وقالوا: [[عندنا أبناء مثل ابن عباس، وأكبر منه، فلماذا يدخل عمرُ ابن عباس ويترك أبناءنا؟]] ومجلس الندوة لا يدخله مثل ابن عباس؛ لأن السن القانونية عند عمر لا يسمح له، وأن يكون عنده مواهب في الإسلام، فلا يشترط عمر أن يكون أبيض، أو أحمر، أو أسود، ولا يكون من أسرة آل فلان، ولا يكون سبق أن تولى كذا وكذا، بل يشترط فيه شروطاً هي:

أولاً: أن يكون من المتقدمين في الإسلام.

ثانياً: أن يكون صادقاً مع الله، يدفع دمه في أي لحظة، لخدمة (لا إله إلا الله).

ثالثاً: ألا يكون منافقاً، أو عميلاً، ولا زنديقاً، أو فاجراً.

رابعاً: أن يستولي حبُّ الله ورسوله على لحمه ودمه.

فكان يدخل هؤلاء، فجلس الصحابة، وكان عندهم صراحة، فقالوا لـ عمر: [[لِمَ تدخل ابن عباس وتترك أبناءنا؟]]-فقال ابن عباس: [[فأدخلني مرة، وعلمت أنه ما أدخلني إلا ليريهم علمي وفطنتي]] أو كما قال- فقال عمر في أول المجلس قبل أن يفتتح جدول العمل: [[ما ترون وما تقولون في قوله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} [النصر:١]؟]] قال بعض الصحابة: [[معنى ذلك: إذا أسلم الناس ودخلوا في دين الله، أمر الله رسوله أن يسبح وأن يستغفر]] قال: [[وأنتَ يا فلان؟]] قال: [[ما أرى إلا هذا]] قال: [[وأنتَ يا ابن عباس؟]] قال: [[أجل الرسول عليه الصلاة والسلام نُعِي إليه]] أجَلُه قَرُبَ، قال: [[صدقت! ما أعلم منها إلا كما تقول]] فلما علموا ذلك، سكتوا، وأيقنوا أن عمر كان مصيباً في إدخاله لـ ابن عباس.

<<  <  ج:
ص:  >  >>