[الإمام القدوة عليه الصلاة والسلام]
إنه الإمام الذي على الأمة كل الأمة أن تذعن لإمامته في الصلاة وفي الحياة وفي التربية وفي الأخلاق وفي الاقتصاد وفي علم النفس وفي العسكرية وفي السلم وفي الحرب قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً} [الأحزاب:٢١].
أما الذي لا يرجو الله فليس إمامه محمداً عليه الصلاة والسلام, أما الرعديد، والجبان، والمطبل، والسكير، والمنحرف، والضال، والغاوي، فليبحث له عن إمام غير محمد عليه الصلاة والسلام؛ ليبحث له عن الشيطان وعن فرعون، وعن هامان، وعن قارون، ولا يأتِ لطريق محمد عليه الصلاة والسلام.
هل يحق لنا شرعاً وعقلاً أن نبحث عن غيره؟ لا.
لن نبحث عن غيره, هل لنا أن نبحث عن سواه؟ لا.
لن نبحث عن سواه, حرام حرام حرام أن نتجه إلى غيره فنجعله إماماً, وحرام أن نبحث عن سواه ونجعله قدوة.
هذا الرسول -عليه الصلاة والسلام- يعيش لحظات الحياة، ودقائق الزمن، وثواني التاريخ, يعيش بما يجب أن يعاش, في الصلاة خاشع قانت أواب منيب، قال تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً} [الإسراء:٧٩] يقول المفسرون: يا محمد صلِّ بالقرآن في الليل، واخشع في صلاة الليل، فإن الله سوف يبعثك يوم القيامة مثلما قمت في الليل، سوف يبعثك مقاماً محموداً.
ماهو المقام المحمود؟
المقام المحمود الذي يغبطه عليه الأولون والآخرون حتى الملائكة, المقام المحمود يوم يجمع الله الأولين والآخرين، والجن والإنس، والكبار والصغار، والأغنياء والفقراء، والملوك والمملوكين، غرلاً بهماً جرداً حفاةً, فينتظرون الله متى يفصل بينهم في القضاء.
واستشفع الناس بأهل العزم في إراحة العباد من ذا الموقف
وليس فيهم من رسولٍ نالها حتى يقول المصطفى أنا لها
عليه الصلاة والسلام.
{يأتون إلى آدم يقولون: اشفع لنا إلى الله ليحكم بيننا في هذا اليوم -يوم الفصل- فيقول: نفسي نفسي -فلا يستطيع، الأمر أعظم من أن يشفع فيه- فيأتون إبراهيم فيقول: نفسي نفسي ويعتذر موسى ويعتذر عيسى فيأتون الرسول عليه الصلاة والسلام -فيتخطى الصفوف، ويتقدم التاريخ، ويقف أمام الأجيال، وينحني تحت العرش- ويقول: أنا لها أنا لها ويسجد أمام رب العالمين, ويثني على الله، ويبكي ويسأل, ويدعو ويتضرع, فيقول الله له: ارفع رأسك, وسل تعط, واشفع تُشفَّع، فيسأل الله أن يفصل بين الناس, فيفصل الله بين الناس} يقول الله: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ} [الإسراء:٧٩] أي: زيادة في أجرك وأما ذنبك فمغفور, وعيبك مستور, وسعيك مبرور, قال الله: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً * وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْراً عَزِيزاً} [الفتح:٢ - ٣] نصراً سمعه التاريخ، وأذعنت له البشرية, أتظن أنه نصر على المدينة، أو مكة، أو الحجاز؟ لا.
نصر دخل به إلى إشبيليا وقرطبة ونهر اللوار وسيبيريا والجنج والهند والسند.