ينزل عمر رضي الله عنه وأرضاه في ليلة يطوف بعصاه بعد صلاة العشاء يتفقد الناس يتفقد المريض, والمسكين، والأرملة، والجائع.
كيف ينام وهناك أنفس لا تنام؟!
كيف يرتاح وهناك أنفس لا ترتاح؟!
فسمع بكاءًَ في بيت فاقترب منه، ووضع رأسه على صائر الباب، فسمع امرأة تبكي في الطلق أي: في النفاس، فأخذ يبكي، ذكر ذلك ابن كثير في البداية والنهاية، فقال مولاه أسلم: ما لك يا أمير المؤمنين! تبكي، قال: إنك ما تعلم يا أسلم بالألم الذي تجده هذه المرأة، انطلق بنا يا أسلم إني أخاف الله أن يسألني عن هذه المرأة إن قصرت في حقها، فانطلق إلى بيت المال وحمل جراباً من شحم وزيت ودقيق -وهو خليفة- ودخل البيت واستأذن من المرأة، وصنع لها طعاماً بيده الكريمة.
هذه تربية لا إله إلا الله، وتربية محمد صلى الله عليه وسلم الذي غرس في قلوبهم لا إله إلا الله؛ ولذلك كانت قصورهم الجنة كالربابة البيضاء {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ}[الأنعام:٩٠] فدخل عليها وصنع لها الطعام وقدم لها تأكل قالت: والله الذي لا إله إلا هو إنك خير من عمر بن الخطاب، وهو عمر بن الخطاب، ثم أخذ يبكي ويقول له مولاه: مالك؟
قال: إني أخاف من الله أن يعذبني بسبب هذه الأمة، كم من فقير، كم من مسكين! كم من أرملة! كم من طفل!