يقول سيد قطب: ركبت أنا وبعض الصحبة من الإخوة سفينة نريد أوروبا فأبحرنا، قال: فحانت صلاة الجمعة، وكنت قد رأيت النصارى يقيمون بعض الطقوس التعبدية، فأخذتني الحمية الإسلامية، والغيرة على الدين؛ فجمعت زملائي، وقلت: أصلي بكم الجمعة في السفينة ليرانا النصارى، قال: فقمت فألقيت خطبة، قال: ومعنا امرأة يوغسلافية من يوغسلافيا -فرت من حرب تيتو -: فأخذت هذه المرأة تنظر إلينا وتسمع الخطبة، لا تعرف من العربية حرفاً واحداً، فأخذت تنظر، قال: وأديت الخطبة، ثم نزلت، فأديت الصلاة، فقرأت في الصلاة:{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}[الأعلى:١] و {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ}[الغاشية:١] فلما سلمت وإذا دموعها على خديها، فتقول للترجمان: سله كلام من هذا الذي صلى به؟
قال سيد قطب: فأخبرت الترجمان أنه كلام الله، فاندهشت وزاد بكاؤها، قال: ولم تمكنا الفرصة أن نوصل لها الدعوة، وأن نخبرها بالإسلام، فانظر إليها، فهي يوغسلافية لا تجيد حرفاً واحداً، وسرى القرآن إلى شرايينها، ووصل إلى قلبها.