وقال رحمه الله:[[ربَّ عمل قليل تكثره النية وربَّ عمل كثير تقلله النية]] هذا {إنما الأعمال بالنيات} ربما تعمل عملاً قليلاً لكن بنيتك وإخلاصك وصدقك يكبر هذا العمل، فمثلاً من يتصدق بعشرة ريالات، لكنه لا يجد إلا هي وفي قلبه من الحب لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم وحب نصرة الإسلام وأن ينفع الله عز وجل بهذا الدين فيأجره الله كالجبال.
وبعضهم يتصدق بالمليون لكن فيه من الرياء والسمعة وحب الذكر، من يتبرع في مشاريع الخير الآن والجهاد، والفقراء والمساكين، ثم يطلب من الصحافة أن تعلن باسمه في الصحف والتلفاز والراديو، ما حكم هذا في الإسلام؟! فيأتون يقرءون على الأسماع، والصحف الصباحية: تبرع بمائة ألف ريال فلان بن فلان بن فلان، أين الإخلاص؟! {من راءى راءى الله به ومن سمع سمع الله به} أول ما تسعر النار بجواد أنفق ليقال جواد أو كريم فتسعر به النار، فأين الإخلاص؟! كان السلف إذا أراد أحدهم أن يتصدق جعل يده اليسرى في جيبه، لأن بعضهم يفهم من حديث:{ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه} يقول: ربما يحتمل أنها قد تعلم، فيجعل شماله في جيبه ويخفيها.
وكان علي بن الحسين زين العابدين رضي الله عنه وأرضاه إذا أظلم الليل ونام الناس، أخذ الصدقات وحملها على كتفه ووزعها على فقراء المدينة، فلا يعلم الفقير من الذي أعطاه، لكن الواحد الأحد يعلم.
فيا أيها الإخوة لنتجنب الشهرة في أعمال الخير، ولنحذر الرياء والتبجح بما قدمنا قال تعالى:{وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً}[الفرقان:٢٣] وقال ابن المبارك: [[في صحيح الحديث شغل عن سقيمه]] يقول: يكفيك الحديث الصحيح عن غيره، فتشاغل به واستنبط منه، تجد بعض الناس حاطب ليل يتكلم من الأحاديث الموضوعة والضعيفة، والأحاديث الصحيحة لا يمسها، حتى إني أعلم أن بعض الشباب يركز مثلاً على غير الكتب الستة ليبرز للناس، ليقولوا: ماشاء الله يقرأ حتى وصل إلى الطبراني! فدائماً يقول: رواه الطبراني، رواه الدارقطني، رواه ابن خزيمة، هذا إذا كان طالب العلم متضلعاً في طلب الحديث، أو أحوجه العلم إلى ذلك الأثر فلا بأس، أما أن يذهب يقفز هناك ويترك كتب العلم المشهورة فهذا فيه نظر.
فيا أيها الإخوة: يوجد من الوعاظ والخطباء من يأتي إلى الحديث الضعيف ويشرحه للناس، أليس عندنا أحاديث صحيحه؟ أليس عندنا البخاري ومسلم؟ أنا أنصح الخطباء إذا تكلموا أن ينقلوا من القرآن ومن الصحيحين وهذا يكفي الناس، أما من يأتي بالغرائب، حديث علقمة، حديث ثعلبة، والناس يحبون الغرائب، حتى تجد في الترهيب والترغيب حديثاً يقول:{من قال: لا إله إلا الله محمد رسول الله بنى الله له سبعين قصراً في الجنة، في كل قصر سبعين حورية، على كل حورية سبعين وصيفة، في كل سبعين وصيفة سبعين} فيبقى في السبعين ساعة ونصف! كله موضوع، ألا تكفينا الأحاديث في البخاري ومسلم؟!
فلا تشغل الأمة بالحديث الضعيف ولا الموضوع، ولا بالغرائب والخرافات والخزعبلات.