الجهل داء عضال, وما دخل المستعمر وأهل القبور والدهريون على الدين إلا من باب الجهل, إن النصارى الضالين أهل الكهوف والمغارات الذين لا علم لهم ولا كتاب ولا سنة مثل غلاة الصوفية , فأشبه الناس بالنصارى الصوفية , وأشبه الناس باليهود كسلاً وخمولاً طالب العلم الذي تعلم العلم وما علّم وما عمل، فتجد بعضهم عنده شهادات معلقة ومبروزة في بيته, لكن ليس عليه من العلم أثر, قال تعالى:{فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ}[المائدة:١٣].
أما عباد المسلمين الجهلة والضلال فأشبه الناس بالنصارى، قال الله:{وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا}[الحديد:٢٧] فالجهل طريق للبدع.
ولذلك لا تنتشر البدع إلا في المناطق التي يكثر فيها الجهل, فتجدها في القرى أكثر منها في المدن, وفي البوادي أكثر من القرى؛ لأنها تروج على الجهلة؛ ولأن البدعة مزخرفة, وظاهر المبتدع أنه يحب الرسول عليه الصلاة والسلام ويدعو إليه, وأنه يريد أن ينتشر دينه, وباطنها من قِبله العذاب.
يقول أحد البطائحية من غلاة الصوفية لشيخ الإسلام ابن تيمية: يا ابن تيمية! حسبنا الله، نأتي إليك فَتَبْطُل كراماتنا ونذهب إلى التتار فتنجح كراماتنا -التتار الكفرة هم الذين داهموا العالم الإسلامي بقيادة هولاكو وجنكيز خان -فهو يقول: نحن نأتي إليك فلا تصلح كراماتنا معك, ولكن إذا ذهبنا إلى التتار كان لكرامتنا وقع ونجاح, قال ابن تيمية: مثلنا ومثلك ومثل التتار كمثل فرس أبلق, والتتار خيولهم سود ونحن خيولنا بيض, وخيلك أنت أبلق, فإذا دخل الخيل الأبلق -الأبلق هو الذي ليس بأسود ولا أبيض- بين البيض أصبح أسوداً, وإذا دخل بين السود أصبح أبيضاً, فأنت إذا ذهبت إليهم وعندك شيء من الإسلام أصبح فيك بياض, وإذا أتيت إلينا وفينا نور كثير من السنة أصبحت أسوداً, وهذا مثل لمن يروج على الجهلة وهم أهل البدع والخرافات.