للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[أثر الشعر في نفس الحجاج]

استدعى الحجاج بن يوسف -وتعرفون من هو الحجاج - شاعراً من العرب، وكان هذا الشاعر من اليمامة، لكنه قال أبياتاً يسب فيها الحجاج، فسمعها الحجاج، وقال: والله لأقتلنه، وقتل الرجال عند الحجاج مثل ذبح الدجاج، وما للرجال ميزان عنده، فأركبوا هذا الشاعر المسكين، وقيدوه على الجمل، وقالوا له: ما عليك بأس، وكأنهم يقولون: الحجاج رجل رحيم وحليم، ولا تخف، قال: والله أعرف، ثم بكى ونظر إلى شجرتين في اليمامة وقال:

لقدماً شاقني فازددت شوقاً بكاء حمامتين تجاوبان

كان قد ترك أطفاله وزوجه في اليمامة يبكون عليه، وعرف أنه لا يعود إلا مقتولاً، قال:

لقدماً شاقني فازددت شوقاً بكاء حمامتين تجاوبان

الحمامة على شجرة هنا والثانية هنا:

تجاوبتا بصوت أعجمي على غصنين من غرب وبان

هذه حمامة تبكي على شجر الغرب، والثانية تبكي على البان، واسمع ماذا يقول:

لقدماً شاقني فازددت شوقاً بكاء حمامتين تجاوبان

تجاوبتا بصوت أعجمي على غصنين من غرب وبان

فكان البان أن بانت سليمى وفي الغرب اغتراب غير دان

يقول: معنى البان أنها تبين مني سليمى، ولن ألقاها إلا يوم القيامة، وأما الغرب فهو اغتراب عن الأهل والأوطان، ووصل إلى الحجاج فقتله، فاستمع الحجاج بعد ما قتله إلى مقولته في الشعر، قال: لو أخبرتموني ما قتلته، لكن جلساء السوء لا يذكرون إلا بعد أن تقع الحادثة.

<<  <  ج:
ص:  >  >>