[أدب التلمساني]
قال ابن تيمية في الفتاوى (٢/ ٤٧١) عن الفاجر التلمساني: أما هو فأخبث القوم وأعمقهم في الكفر، ثم قال: ولهذا كان يستحل جميع المحرمات حتى حكى عنه بعض الثقات أنه قال: البنت والأم والأجنبية شيء واحد، وليس في ذلك حرام علينا، وإنما هؤلاء المحجوبون قالوا: حرام، فقلنا: حرام عليكم.
وكان يقول: القرآن كله شرك، ليس فيه توحيد، وإنما التوحيد في كلامنا.
هذا الفاجر التلمساني -يسمونه عفيف التلمساني - عنده مدرسة وكتب منشورة في العالم الإسلامي تطبع، هذا المجرم يقول هذا الكلام، وله صحف تؤيده وتؤيد مساره، وآخر ما رأيت هذه الليلة مقالة على مقالة الفاجر التلمساني في صحيفة جنس فاضح، فيها تحليل ما حرم الله، دعوة إلى تهتك الأمة وعدم وجود شريعة، والقائل صاحب الصحيفة يقول فيها:
"إلى متى تظل الركائز المعرفية للإنسان حكراً على شيء يمكن أن يكون ويمكن ألا يكون".
معنى الكلام: لماذا يبقى الدين هذا؟ لماذا تبقى لا إله إلا الله؟ هل رأيتم الله؟ مكن أن يكون ويمكن ألا يكون؟
هذه كلمة عصرية كتبت قبل أسبوع هنا في البلاد، أليس هذا هو الإلحاد، أصبحت الأمة مثل الأبقار لا يعرفون ولا يفهمون مقاصد اللغة.
حدثنا بعض الدعاة: أن بعض العرب ذهبوا للدراسة في أمريكا، وبعضهم إذا ذهب يظن أن الله في الجزيرة فقط فيقول: كانوا يجتمعون، ويتبادلون الزوجات والعياذ بالله.
وهذا ثابت عنهم، والناقل داعية بصير يعرف ذلك، وهذه تسمى طريقة التلمساني التي يقول فيها ابن تيمية في المجلد الثاني: "ويرى هذا أن البنت والأم والأجنبية شيء واحد" يقولون: كان يستخدم بناته -عليه غضب الله- ويريد الذين لا يؤمنون بالله من أفراخ العلمنة أن يوصلوا الأمة إلى هذه المأساة وإلى هذه النهاية.
والمصيبة والضربة القاصمة أنهم يقولون: الدين شيء خاص بك، صلاة الضحى والاستسقاء لك، لكن لا تأمر بالمعروف ولا تنه عن المنكر، يزعجهم أن تخرج إلى الشاطئ وتنهى وتغضب ويتمعر وجهك، فوالله ثم والله ثم والله إن لم نخرج إلى الشواطئ والسكك والشوارع؛ فنأمر بالمعروف وننهى عن المنكر ليغضبن الله علينا، ثم ندعوه فلا يستجيب لنا، ثم يلعنا كما لعن الذين من قبلنا، قال تعالى: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [المائدة:٧٨ - ٧٩].
إن الإسلام السلبي هو إسلام النوافل الخاصة، ورسول الهدى عليه الصلاة والسلام لا يعترف بهذا، وهذه الفلسفة التي ينثرها بعض الناس يقول: هذا وقت الفتن فر منه فرراك من الأسد، ويأتون بحديث أبي سعيد الصحيح عند البخاري: {يوشك أن يكون خير مال المرء المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر؛ يفر به من الفتن} فينزوي في شقته ويغلق بابه، ويترك الأمة تمور -والعياذ بالله- في الفجور والخمر والسفور، واختلاط الأجانب بالأجنبيات وانهداد الأمة، هذا أول ما يُبدأ به، أول ما تأتي المصيبة على هذا المتخلي.
وقد ورد في الإسرائيليات: أن جبريل عليه السلام، نزل يدمر قرية وفيها عابد، فأخبر ربه بالعابد والله يعلم، قال: به فابدأ، أسمعني صوته لكنه لم يتمعر وجهه غضباً لي.
ما للأمة؟! ماذا أصاب الجيل؟! ماذا أصاب الشباب؟! ماذا أصاب العلماء؟!
المنكرات صباح مساء، لا نطالبهم بالضرب ولا بمد الأيدي، مد الأيدي له جهات مسئولة، لكن اتقوا الله، كلمة: اتق الله، كلمة: تحجبي يا أمة الله، كلمة: حرام، لا يجوز، كلمة: خافوا من الله، ما للأمة سكتت؟!
يقول عليه الصلاة والسلام في الصحيح وهذا عند أحمد: {لتأمرنّ بالمعروف ولتنهونّ عن المنكر، ولتأخذن على يد السفيه ولتأطرنه على الحق أطراً، أو ليخالفن الله بين قلوبكم} الحديث.
يقول سفيان الثوري: أنا إن لم آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر أغمي عليَّ، وقد ذكروا ذلك عنه.
ولكم أن تعودا إلى ترجمته.
يغمى عليه ويفقد شعوره، لا أن يصل إحساس الإنسان إلى أن يتبلد ويموت:
من يهن يسهل الهوان عليه ما لجرح بميت إيلام
إنما يريد هؤلاء الشباب أن ينقذوا الشباب ويحفظوا أمن الأمة، وأمن الصحوة، وأما لو تركناها لمسيرة التلمساني وفروخه وأتباعه، ضربوا الأمة على دماغها ضربة لا تفلح بعدها أبداً.
وكان ابن تيمية إذا صلى الفجر سبح إلى طلوع الشمس، ثم يصلى ركعتين وينزل إلى السوق، وعنده مقص في جيبه يقص به شوارب البطائحية الفرقة المبتدعة، وعنده عصا يجلد ويؤدب ويقيم الموازين، ويتكلم للبقالين ومعه تلاميذه، ويأمر بالحجاب، ويأمر من أسبل إزاره أن يرفعه، والحليق أن يربي لحيته، هذا هو الإسلام وهذا هو الدين، ليس الجلوس تحت المكيف، وتأليف الرسائل التي كأنها قطع السندوتش، وليس التفكير من أدب راقي أو من برج عاجي، والإسلام لا يعترف بالمفكرين ويعترف بالعلماء الذين يحملون قال الله قال رسوله صلى الله عليه وسلم، وهؤلاء العلماء يقول سبحانه فيمن كتم علمه: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [البقرة:١٥٩ - ١٦٠] وقال تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ} [آل عمران:١٨٧].
من منا لا يحفظ الفاتحة؟!
{بلغوا عني ولو آية} {نضر الله امرأً سمع مقالتي فأداها كما سمعها} لا نريد عواطف ولا حماساً هائجاً، ولا نريد تصرفات بالكلام، نريد فعلاً منضبطاً ينهي المفاسد بالبلد وينهي الإجرام ويحد من الفواحش، ينهي تسجيلات الجنس والكاسيت والفيديو المهدم والمجلات الخليعة، وتبرج النساء وانحطاط العلمنة، نريد فعلاً حكيماً منضبطاً حتى يؤدي ثمرته.
وقد ذكر شيخ الإسلام في الفتاوى، قال: ولهذا حدثني الثقة، أن ابن سبعين كان يريد الذهاب إلى الهند وقال: "إن أرض الإسلام لا تسعه، لأن الهند مشركون يعبدون كل شيء حتى النبات والحيوان".
وابن سبعين من الملاعين وله مدرسة موجودة إلى الآن، قال: أريد أن أخرج إلى الهند، لأن عندهم حرية فكر وعندنا إرهاب فكر، عندنا نحن المسلمون إرهاب فكر، لكن الهند عندهم حرية فكر، لأنهم يعبدون النبات والحيوان.
يريد أن يتفسخ مثلما يفعل بعض الناس بالذهاب إلى بانكوك، يحج أو يعتمر ليهدم لا إله إلا الله هناك، وليلغي إياك نعبد وإياك نستعين.
إذاً فالضياع من قديم، وإذا نظرت تجد ذاك حتى في العهد البدائي من العهد الإسلامي، كان يريد أن يذهب إلى الهند أما هنا فيوجد فقهاء وعلماء وأخيار ودعاة وصالحون، ويريد أن يأخذ حريته ونفسه هناك، مثلما يفعل بعض الناس اليوم، يذهب يعربد ويعود لاغياً ملهياً، هداه الله ورده إلى صوابه.
وأنا أعرف رجلاً ألف كتاب صراع بين الإسلام والوثنية، في مجلدين، ومن يقرؤه كأنه يقرأ لـ ابن تيمية، وهو من أهل هذه البلاد.
هذا الرجل فيه ذكاء عجيب، ولكن قبل أن يلحد هذا الرجل يشم رائحة الإلحاد من هذا الكتاب، وما كانت الخاتمة؟ ألحد وكفر بالله.
ثم خرج من البلاد وألف كتاب الأغلال ويعني بالأغلال المسجد ومكة وزمزم والحجر الأسود، وخرج وهو الآن في سن الثمانيين، ومن رآه يقول: كأن الليل أظلم في وجهه، وأصابه الله بالتعاسة والتعب والاضطراب، حتى ذهب إلى مدينة عربية، ثم انتقل إلى الأخرى، وهو بين الفينة والأخرى يكاد ينحر نفسه.
قال تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى} [طه:١٢٤ - ١٢٦].
رأيت يوم الخميس الماضي جريدة الظهيرة، وفي افتتاحيتها خطٌ كبير تقول فيه: طبيب السرطان ينحر نفسه، هذا أشهر طبيب في العالم كان يعالج المرضى من السرطان، أصابه فراغ داخلي، عالج المرضى ولكن لم يعالج روحه، يعيش في ضنك، والله كتب عليه ذلك، فأخذ السكين ثم دخل المطبخ وذبح نفسه ومات، وصورته موجودة، وهذا مثبت في وكالات الأنباء.
وهذا يدلنا على أن التعاسة موجودة حتى يسلم الإنسان وجهه لله ويعود إلى الله، ووالله لا يرى النور ولا يرى السعادة، ولو ملك الدور والقصور والمناصب، والسيارة الفخمة، حتى ينهج منهج الصالحين.
وبعض الملاحدة إذا أرادوا أن يجتمعوا بـ المقالح والبياتي خرجوا سراً بينهم، وعندهم مدن معروفة بفنادق يجتمعون فيها، ويوزعون أدوارهم كيف يكتبون؟ ما هي طريقة العرض في الصحف؟ وما هي المرحلة القادمة لكي نبث سمومنا وأفكارنا؟ فيأتوننا كل يوم بدبلجة وكل يوم بتخطيط، وكل يوم بثوب جديد.