للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[أحسن الدعاء]

من رحمته صلى الله عليه وسلم بأمته, دعاؤه لهم عليه الصلاة والسلام, ولذلك لم يغضب عندما أخبره الطفيل بن عمرو أن هذا قتل نفسه ومع هذا لم يغضب عليه الصلاة والسلام بل قال: {اللهم وليديه فاغفر} والرسول صلى الله عليه وسلم كان من أرحم الناس بالأمة, ولذلك يقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة:١٢٨] فهو رؤوف بهم رحيم بهم عليه الصلاة والسلام، وقد دعا لأناس في مناسبات.

{زار عليه الصلاة والسلام البراء بن معرور في المدينة فوجده مريضاً, فلما زاره وانتهى عليه الصلاة والسلام وعاد إلى مسجده وإذا بصوت البكاء فالتفت فقال: ما هذا؟ قالوا: توفي بعدك البراء يا رسول الله! فالتفت إلى القبلة وقال: اللهم الق البراء يضحك إليك، وتضحك إليه} هذا من أحسن الأدعية في الإسلام, لا يتصور الإنسان أن يلقى ربه وهو يضحك إليه، والإنسان يضحك إلى الله!

وفي صحيح البخاري قال أبو موسى: {لما قتل أخي أبو عامر أتيت الرسول عليه الصلاة والسلام، قلت: يا رسول الله! ادع الله لأخي؟ قال: فتوضأ عليه الصلاة والسلام واستقبل القبلة يدعو قال: فوقفت بجانبه وقلت: ولي ولي يا رسول الله!} -فقد استغلها فرصة، رضي الله عنه وأرضاه, هو أول الأمر نسي نفسه وأراد أخاه، وعندما قام صلى الله عليه وسلم يدعو فلما رأى اليدين ترتفعان، وعلم أنه مجاب الدعوة، وأنه أفضل خلق الله، قال: {ولي ولي يا رسول الله! فأخذ صلى الله عليه وسلم وهو يدعو يقول: اللهم ارفع أبا عامر وأبا موسى فوق كثير ممن خلقت وفضلهم تفضيلاً} أو كما قال عليه الصلاة والسلام.

ودعا صلى الله عليه وسلم لـ أبي قتادة فحفظه الله، وحفظ ذريته, يقول أبو قتادة: {سافرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم -في غزوة تبوك - وكان صلى الله عليه وسلم على ناقته, فأخذ بعد صلاة الفجر ينعس حتى يكاد يسقط, فأقترب منه وأدعمه، وأرده على الناقة فينتبه وينظر إليّ, قال: فينعس صلى الله عليه وسلم فأرده حتى يستثبت, وقال: ثالث مرة مال عليه الصلاة والسلام فدعمته بيدي فانتبه فرآني فقال: حفظك الله بما حفظت نبيه} ما أحسن هذه الكلمة! فحفظه الله في ذريته، وفي قلبه، وفي بيته، فما أصابته فتنة أبداً, مرت به الفتن وكأنه في بروج مشيدة عنها, وكان أبناؤه من خيرة الناس، ولما نزلت الفتن لم تصب ذريته بفتنة، ولم تصب بالحوادث والكوارث، والفتن والمحن ما ظهر منها وما بطن, لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: {حفظك الله بما حفظت نبيه}.

وكان عليه الصلاة والسلام يعطي كلاً ما يناسبه من الدعاء, إذا جاءه بنحيل البنية يسأله صلى الله عليه وسلم فماذا يدعو؟ يقول: {قل لا حول ولا قوة إلا بالله} , لأن لا حول ولا قوة إلا بالله كنز وقوة, تقوي العبد كحالة أبي ذر رضي الله عنه فقد كان حاداً وضعيفاً فقال: {يا رسول الله! أوصني؟ فأوصاه بثمان -هذا عند ابن حبان - قال: وعليك بلا حول ولا قوة إلا بالله فهي كنز من كنوز الجنة} فأتى الصحابة كما في الصحيحين من حديث أبي موسى - يصعدون الثنايا ويكبرون ويرفعون أصواتهم, قال عبد الله بن قيس وكنت أقول في نفسي: لا حول ولا قوة إلا بالله -ما يسمعه حتى الرسول صلى الله عليه وسلم- قال: فاقتربت من الرسول عليه الصلاة والسلام فقال للصحابة: {يا أيها الناس أربعوا -أي: خففوا من الصوت- على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائباً وإنما تدعون سميعاً بصيراً، أقرب لأحدكم من عنق راحلته، ثم التفت إليّ وقال: يا أبا موسى يا عبد الله بن قيس! ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة؟ قلت: بلى يا رسول الله, قال: عليك بلا حول ولا قوة إلا بالله} فلا حول ولا قوة إلا بالله جعلها الرسول صلى الله عليه وسلم مثلاً لحمل الأثقال للبنية الضعيفة، لمن يصعد الجبال لمن يزاول أموراً مهمات من أمور الدنيا, أما الإنسان الجالس على فراشه فأنسب له غير هذا ولو أنه قال: لا حول ولا قوة إلا بالله لكتب له أجر, لكن إنسان نائم على فراشه وهو طيلة يومه: لا حول ولا قوة إلا بالله هو مأجور ومشكور لكن يقول أهل العلم: إن من الأحسن أن يتذكر الإنسان حاله ثم يأتي بحال تناسب أو بذكر يناسب هذا الحال.

أنت إذا رأيت الجبال الشاهقة، والأشجار الوارفة، ورأيت آيات الله في الكون؛ لمع الضياء؛ وخرير الماء.

وكتابي الفضاء أقرأ فيه صوراً ما قرأتها في كتاب

فما هو الذكر المناسب؟ المناسب إذا رأيت ذلك أن تقول: سبحان الله! لأن الله إذا أتى بالآيات في القرآن قال: {سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الحشر:٢٣].

لأنك تنزهه، فهل بعد هذه الآيات، وبعد هذا الكيان، وبعد هذا الفلك، وبعد هذه القدرة يعبد من دون الله، سبحان الله! فأنسب شيء لهذه الآيات أن تقول: سبحان الله!

رأيت نفسك وصحتك وأبناءك أمامك, ورأيت دارك ومسكنك وسيارتك فالأنسب أن تقول: الحمد لله! وأول من يدخل الجنة الحامدون، الذين يحمدون الله في السراء والضراء.

تذكرت ذنوبك وخطاياك وإسرافك وبلاياك وبعدك عن مولاك فالأنسب لذلك أن تقول: أستغفر الله.

تذكرت الوحدانية، وأثقل كلمة في التاريخ هي لا إله إلا الله حتى يقولون: إن الكلمات كلها تنضم الشفتين فيها إلا لا إله إلا الله فتبقى الشفتان غير مضمومة في هذه الكلمة لا إله إلا الله, يقول ابن الجوزي: لا إله إلا الله لا تقبل المزاحمة حتى النقط ليس عليها نقط، الله أكبر فيها نقطة، سبحان الله فيها أيضاً نقطة, لكن لا إله إلا الله ليس فيها نقط لأنها كلمة دمرت الدنيا من أجلها خمس مرات, قال ابن تيمية: أفضل الذكر لا إله إلا الله.

جاء رجل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم اسمه حصين بن عبيد وهو أبو عمران بن حصين، بعض الناس ضبطه ابن معبد لكن صاحب الإصابة يقول: ابن عبيد , وصاحب أسد الغابة يقول: ابن عبيد , قدم إلى الرسول صلى الله عليه وسلم -خزاعي من خزاعه- فقال عليه الصلاة والسلام: {كم تعبد يا حصين؟ قال: أعبد سبعة -أي: سبعة آلهة- قال عليه الصلاة والسلام: أين هم؟ قال: ستة في الأرض وواحد في السماء} لأن الجاهليين بلغ بهم الإسفاف وهبوط العقل إلى درجة عقول الأطفال, بل الأطفال يميزون أكثر من ذلك, يأتي بأثافي -والأثافي هذه حجارة توضع عليها القدر- فإذا طبخ وتغدى؛ قام على حجر من هذه الأثافي يصلي له، ويسجد له, أهذا عقل؟ وإذا أعجبته شجرة طويلة وجميلة سجد لها، وعبدها من دون الله, فإذا رأى شجرة أخرى تفل هذه ورجع إلى تلك.

عمر رضي الله عنه وأرضاه قبل إسلامه أتى بصرة من التمر ولو أن في سند هذه الرواية نظراً، قال: فكان يصلي ويعبد ويسجد لها من دون الله عز وجل في الجاهلية، فإذا جاع أكل منها ما شاء الله، يأكل من ربه!!

أحدهم ذهب إلى آلهة -في جدة في جهينة- فأتى وإذا آلهتهم صنم تبول عليه الثعالب, قال:

أرب يبول الثعلبان برأسه لقد ذل من بالت عليه الثعالب

فالله عز وجل نقدهم في القرآن وشن عليهم وشجب أفعالهم بشيء عجيب, ولذلك إذا ذكر الله الشرك في القرآن فإنه يذكره سُبحَانَهُ وَتَعَالَى ويستهزئ بأصحابه, ويقول: أين العقول؟ يخاطبهم الله تعالى: {أَفَلا تَعْقِلُونَ} [البقرة:٤٤] , {أَفَلا تَذَكَّرُونَ} [يونس:٣] , {أَفَلا تُبْصِرُونَ} [القصص:٧٢].

فالشاهد في ذلك أن هذا أتى فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: {كم تعبد؟ قال: سبعة, قال: أين هم السبعة؟ قال: ستة في الأرض وواحد في السماء, قال: من لرغبك ولرهبك؟} -أي: من إذا اشتدت عليك الأمور, وذلك أنهم كانوا إذا اشتدت عليهم الأمور تركوا التمر، والشجر، والحجر الذي يعبدون، وعادوا إلى الله, جُربوا في مواضع, إذا ركبوا من جدة في السفينة ومرت عليهم الريح عاصفاً، قاصفاً، وأحسوا بالهلاك قالوا: يا حي يا قيوم! يا رب يا رب! فإذا نزلوا في الساحل وقبل أن يأخذوا أمتعتهم من السفينة يكفرون بالله! قال تعالى: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ} [العنكبوت:٦٥].

- قال: {من لرغبك ولرهبك؟ قال: الذي في السماء, قال: فاترك التي في الأرض واعبد الذي في السماء, فشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله, قال: ألا أعلمك دعاءً تدعو به ينفعك الله به؟ قلت: بلى يا رسول الله, قال: قل اللهم ألهمني رشدي وقني شر نفسي} ينبغي أن نحفظ هذا الدعاء، وهو من أحسن الأدعية على الإطلاق, لأن حاله ملتبسة فيناسب أن يهديه صلى الله عليه وسلم لهذا الدعاء.

يقول علي بن أبي طالب: {علمني يا رسول الله! دعاءً أدعو الله به, قال صلى الله عليه وسلم: قل اللهم اهدني وسددني, واذكر بهدايتك هدايتك الطريق، وبتسديدك تسديدك السهم} هذا حديث في صحيح مسلم فكان علي دائماً يقول: اللهم اهدني وسددني, فهداه الله وسدده, حتى في حروب الطوائف المارقة مثل الخوارج وغيرهم، هداه الله فقتل المارقين، ورفع راية الدين، واتبع سيد المرسلين فله الرضوان من رب العالمين.

وأبو بكر يقول: يا رسول الله! علمني دعاءً أدعو به في صلاتي؟ قال: {قل اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً، وفي رواية: كبيراً ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم}.

هذا حديث أبي بكر في الصحيحين.

وحديث معاذ يقول له صلى الله عليه وسلم: {يا معاذ! والله إني لأحبك -ما أحسنها من كلمة! - لا تدع في دبر كل صلاة أن تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك} فجعل صلى الله عليه وسلم لكل أحد ما يناسبه.

وانظر كيف يقسم صلى الله عليه وسلم الأدعية بمناسبة الناس, يأتيه ابن عباس وهو شاب صغير متهيئ لطلب العلم فدعا له قال له كما في الصحيحين: {اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل} ففقهه الله فكان حبر الأمة, وترجمان القرآن, وبحرها وعلامتها، ولسان منبرها رضي الله عنه وأرضاه.

هذا الحديث الذي معنا هذه الليلة ينتهي بقصة سعد قال للرسول صلى الله عليه وسلم: {يا رسول الله! ادع الله أن يجعلني مستجاب الدعوة, قال: يا سعد! أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة} ثم قال: {اللهم سدد رميته وأجب دعوته} فكان إذا رمى بالقوس لا تقع الرمية، ولا يقع السهم إلا في نحر كافر, يقول له صلى الله عليه وسلم يوم أحد: {ارم سعد فداك أبي وأمي} قال علي بن أبي طالب: ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفدي أحداً بأبيه وأمه إلا سعد بن أبي وقاص.

كان عليه الصلاة والسلام إذا رمى سعد الكفار ارتفع صلى الله عليه وسلم من بين الناس ينظر الرمية، فيراها تقع في لبة كافر فإذا هو مشدوخ كالثور على الأرض, فيتبسم عليه الصلاة والسلام ويقول: {إرم سعد فداك أبي وأمي} , وكان يقول: {هذا خالي فليرني كلٌ خاله} كأنه يتحدى به, فـ سعد هذا الأسد في براثنه.

ولما خرج عمر رضي الله عنه لقيادة المعركة الفاصلة مع كسرى أنوشروان الضال جد الخميني , خرج عمر رضي الله عنه يريد تصفية حسابه فلما نزل في غدير الخضمات اجتمع به الناس, فأراد أن يقودهم فأتى أبو الحسن علي بن أبي طالب قال: يا أمير المؤمنين! إلى أين تذهب؟ قال: أقود المعركة أقود المسلمين, قال: يا أمير المؤمنين! إنك إن قتلت -انظر إلى عقلية أبي الحسن رضي الله عنه- لم يكن للناس درء ودرع بعدك، وإني أخاف أن يستحوذ على عاصمة الإسلام - المدينة - فأرى أن تبقى في المدينة وأن ترسل جيشاً فإذا غلبوا كنت لهم ردءاً وردفاً أو كما قال, فاستصوب عمر هذا الرأي, قال: لكن من يقوم بهذه المهمة؟ قالوا: نفكر -فدخلوا الخيمة يفكرون ملياً، من يختارون في هذا المنصب الخطير! فإنه ليس منصباً سهلاً، ليست إلقاء كلمة أو خطبة أو محاضرة، أو إرسال لرعي غنم أو إبل، أو رسالة يوصلها ويرجع، لا: بل هي دكدكة إمبراطورية الظلام، التي عشعشت في تاريخ الإنسان, ومعناها أن يجتاح هؤلاء الظلمة عن وجه الأرض، وأن تؤسس لا إله إلا الله في الأرض، فدخلوا في خيامهم وأتى عبد الرحمن بن عوف يهرول إلى عمر رضي الله عنه وقال: يا أمير المؤمنين! وجدت الأسد في براثنه, قال: من؟ قال: سعد قال: أصبت أصاب الله بك الخير, واختاره عمر واسمع وصايا القائد الخليفة، للقائد العظيم يقول: يا سعد لا يغرنك قول الناس: إنك خال رسول الله صلى الله عليه وسلم, فإن الناس ليس بينهم وبين الله نسب, أحبهم إلى الله أطوعهم له فإياك والمعاصي، هذه وصايا صادقة من عمر تقبلها سعد رضي الله عنه تقبل الله منا ومنه, وخرج ودكدك ذلك الظلم, وبنى دولة الإسلام، ولما دخل إلى إيوان كسرى رآه مموهاً بالذهب، فكبر سعد فانصدع الإيوان من أوله إلى آخره, ودمعت عينا سعد دموع الفرحة, وقال: {كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ * كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْماً آخَرِينَ} [الدخان:٢٥ - ٢٨].

ويذكر أهل السير أنه بعد ما يقارب خمسين سنة, دخل رجل اسمه أبو صخر وقيل: ابن مالك، (غامدي) دخل بغنمه فرعت حول الإيوان، ودخل بعضها في الإيوان, لأن شيئاً أسس على الضلال يعاد إلى هذا, ولذلك يقول عليه الصلاة والسلام في صحيح البخاري: {إن على الله حقاً ألا يرتفع شيء من الدنيا إلا وضعه}.

القاهر أحد الخلفاء العباسيين -نسأل الله أن يغفر لنا ولكل من سلف- ذكر ابن كثير في ترجمته قال: أتى القاهر فكان أول ما فعل أن بطش بالناس، قتل كثيراً, وجمع الذهب والفضة وحفر بركاً في الأرض -خزانات- وأخذ الذهب والجواهر يصبها في الأرض صباً, فيقول له الناس: ما لك؟ قال: أريد ألا أفتقر أبداً, لأن الذي لا يستند إلى الله ولا إلى غنى الله وثروته؛ سوف يفتقر قال تعالى: {مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ} [النحل:٩٦].

فهذا اعتمد على قوته ولم يعتمد على الله, أخذ الذهب والمجوهرات والفضة وكل شيء وأخذ يضعها في البرك, فإذا امتلأت البركة غطاها, ويفتح بركة أخرى, خزانات من الأموال, لكن في الأخير ماذا حصل! عزل من خلافته, وسلبت أمواله, وفرق أولاده جميعاً، وسملت عيناه حتى عمي, وقام بعد عشرين سنة في مسجد المنصور في بغداد يمد يديه: من مال الله أيها الناس! لأن من اكتفى بالله رعاه وكفاه, ومن حفظه حفظه, ومن ضيعه ضيعه, والجزاء من جنس العمل.

<<  <  ج:
ص:  >  >>