[لا حزب إلا حزب الله]
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، عنوان هذا الدرس: فر من الحزبية فرارك من الأسد.
في مساء السبت (١٨/ من شهر المحرم/ ١٤١٣هـ).
وقبل أن أبدأ أعلن حبي وسعادتي وفرحتي هذه الليلة لضيوف وأحبة وقادمين ووافدين، وفدوا من الرياض ومن القصيم ومن الشرقية والغربية، ومن بعض دول الخليج، ونرحب بكل مسلم حضر هنا أو لم يحضر عربياً كان أو أعجمياً يحمل لا إله إلا الله محمد رسول الله.
ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: {بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء، قيل: من هم يا رسول الله؟ قال: النَُّزّاع من القبائل} فهم الذين أتوا من كل حدب وصوب، اجتمعوا من القبائل، من الأصقاع، من المدن، من الشعوب، من الأقطار، لا على سبب ولا على نسب، إنما على رابطة: لا إله إلا الله محمد رسول الله.
وهذه المحاضرة (فر من الحزبية فرارك من الأسد) لها مناسبة: فإنا لا نعلم حزبية شرعية إلا حزباً واحداً مؤيداً بالله عز وجل وبرسوله عليه الصلاة والسلام وهو حزب الله: {أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [المجادلة:٢٢].
فمن انتسب لحزب آخر أو تعصب لحزب آخر، أو اتخذ غير هذا الحزب، أو جعل حزباً داخل هذا الحزب ففرق بين هذا الحزب، فتولى بعض هذا الحزب وعادى بعضه وأحب بعضه وأبغض بعضه؛ فقد نكث ميثاق الله وقد عصى الله.
فكان لزاماً علينا أن يكون حزبنا واحداً وهو حزب الله، فليس عندنا من يوجب، ولا يجوز لأحد أن يوجب لأحد أن ينتسب لحزب ويوالي عليه ويعادي عليه، ويحب له ويبغض له، غير حزب الله عز وجل الذي ذكره الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم.
وإنما أتت هذه الحزبيات مع نقص العلم الشرعي الموروث عن معلم الخير عليه الصلاة والسلام، ومع كثرة الأهواء والاختلافات وشهوات الأنفس والمقاصد السيئة والأمراض وقلة البصيرة والمعرفة، فكان حقاً على الدعاة وطلبة العلم أن يبينوا ما هو الأسلم في هذه الطريقة.
واعلموا حفظكم الله أنه لا يجوز لأحد من الناس أن يوجب على الأمة أن تتبع مذهباً من المذاهب، ومن قال للناس أو لعبد من العباد: أنه يجب عليه أن يكون حنبلياً أو شافعياً أو مالكياً أو حنفياً؛ فإنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل، ومن أوجب على أحد الناس من العباد أن يكون إخوانياً أو سلفياً أو تبليغياً أو سرورياً يوجبه وجوباً فإنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل، فإن الله لم يسمنا إلا مسلمين، وارتضى لنا سبحانه وتعالى اسم المسلم: {هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ} [الحج:٧٨] وسمانا رسولنا صلى الله عليه وسلم باسم السنة، فنحن أهل السنة ليس لنا اسم إلا هذا الاسم، لا نعرف إلا بهذا الاسم، وليس لنا شارة ولا حزب إلا حزب السنة يجمعنا عربينا وأعجمينا، شرقينا وغربينا، أحمرنا وأسودنا وأبيضنا، تحت اسم أهل السنة.