للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[كيف نصل إلى مستوى الصحابة والتابعين؟]

السؤال

فضيلة الشيخ: كيف نصل إلى مستوى هؤلاء العظماء ونحن في هذه الحالة التي يرثى لها، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: {خير القرون قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذي يلونهم} أي: أننا بعيدون عنهم جداً؛ فما هو الجواب يا فضيلة الشيخ؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، لابد من اعتراف أن الأفضلية متناقصة أو أن الفضل متناقص في الجملة، أما في الأفراد فقد يأتي من القرن الثالث من يكون أفضل من القرن الثاني، أما القرن الأول فأولئك هم النبلاء والفضلاء والشرفاء الذين لا يبلغ مستواهم ولا يصل إلى درجتهم إلا من أحبهم.

وأما أن نعمل بعملهم فكأن هذا ليس متحصلاً، فقد جاهدوا وأقاموا الدين وأسسوا دولة الإسلام، فواجبنا نحوهم أن نحبهم كما قال أنس في الصحيح، يقول صلى الله عليه وسلم: {المرء يحشر مع من أحب} ونحن نحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر ولا نعمل بعملهم، إذاً فواجبنا أن نحبهم وأن نعمل عملاً مما نستطيعه، ولكن أن نصل إلى تلك الدرجة فلن نصل، وقد يصل بعض الأفراد لكن في الجملة فكما تلا أخي: {خير القرون قرني} هذا على الجملة، وقد يصل بعض الأفراد لكن لا إلى أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام فواجبنا نحو هؤلاء السلف ثلاث واجبات:

١ - حبهم في الله عز وجل.

٢ - الدعاء لهم ألا نجد في صدورنا عليهم محنة أو غلاً، لأن بعض الطوائف تجد على أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم في عقيدتها حقداً وغلاً وكراهية، حتى يقول ابن تيمية في منهاج السنة ليس لهم حظ من الفيء -تلك الطائفة- لأنهم ليسوا من الذين قال الله فيهم: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا} [الحشر:١٠] فهؤلاء في قلوبهم غل للذين آمنوا فليس لهم حظ في الفيء.

٣ - أن نعمل بما أقدرنا الله عليه من أعمالهم الصالحة، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، أما قضية أنا نحبهم ولكن لا نعمل بعملهم فهذا خطأ:

يا مدَّعٍ حب طه لا تخالفه فالخلف يحرم في دنيا المحبينا

أراك تأخذ شيئاً من شريعته وتترك البعض تدويناً وتهويناً

خذها جمعياً تجد فوزاً تفوز به أو فاطرحها وخذ عنها الشياطينا

فالمقصود: أن اليهود أتوا إلى الرسول عليه الصلاة والسلام، وقالوا: نحب الله ولكن لا نتبعك ولا نعمل بأعمالك، فكذب الله مقالتهم ورد فريتهم وقال: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران:٣١] فإن كنت تحب السلف حباً صادقاً فادع لهم، ولا تجد في نفسك عليهم، وكف عما شجر بينهم، واعمل بما أقدرك الله من أعمالهم الصالحة.

<<  <  ج:
ص:  >  >>