للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الإكثار من قراءة القرآن]

ما هي الأعمال الصالحة يا مسلمون؟

أنا أوصيكم ونفسي أن يكون رمضان خاصاً بالقرآن، وأوصي أهل الاطلاع أن يقللوا من اطلاعهم إلا في القرآن، وقد ذكر عن الإمام مالك: أنه لما دخل رمضان امتنع عن الفتيا ومجالس العلم، وقال: هذا شهر القرآن {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة:١٨٥].

فأدعو نفسي وإياكم إلى أخذ هذا المصحف من أول يوم، ثم الإدمان في النظر فيه، والاستمرار في القراءة والترداد والتكرار والتدبر، علَّ الله أن يجعله بلسماً لقلوبنا، فقد روى الحاكم في المستدرك بسند حسن أنه قال عليه الصلاة والسلام: {يأتي الصيام والقرآن يوم القيامة يشفعان للعبد، يقول الصيام: يا رب! منعته طعامه وشرابه وشهوته، ويقول القرآن: يا رب! منعته نومه فشفعني فيه، فيشفعان فيه}.

فيا مسلمون! أوصي نفسي وإياكم بكثرة تدبر القرآن، وكثرة قراءته وتلاوته، وسوف أورد بعض القصص لا على أنها سنة، لكن تدل على أن بعض السلف كان يجتهد اجتهاداً عظيماً في رمضان:

الإمام الشافعي ذكر عنه الإمام الذهبي: أنه كان يختم القرآن في رمضان ستين مرة، وقد نقل هذا ابن كثير أيضاً، أنه كان يختم القرآن في رمضان ستين مرة، مرة في الليل ومرة في النهار، ونحن أمرنا في السنة أن نختمه في سبع ولا يفقهه من قرأه في أقل من ثلاث لكن لزيادة الأجر: {من قرأ القرآن فله في كل حرف حسنة والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول ألم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف} والحديث عند الترمذي.

فكان السلف من أحرص الناس على قراءة القرآن.

وذكر ابن حجر أن البخاري صاحب الصحيح: كان يقرأ القرآن في رمضان ثلاثين مرة.

فأين الهمم؟ وأين أصحاب العزائم؟ فليتقربوا إلى الله في رمضان بكثرة تلاوة القرآن؛ فيختمه كثيراً ويكرره كثيراً، ويتدبره كثيراً فإنه سوف يكون شفيعاً له عند الله.

وعند ابن حبان أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: {إن القرآن شافع مشفع، وماحل مصدق، من عمل به قاده إلى الجنة، ومن أعرض عنه أخذه وقذفه على وجهه في النار} {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى} [طه:١٢٤ - ١٢٦].

نشكو إلى الله حال الكثير منا، فالكثير يأتي إلى الصحف والمجلات، والجرائد والمنشورات، فيعطيها الوقت الكثير ولا يعطي كتاب الله إلا قليلاً من وقته، أهذا حال الأمة الإسلامية؟ أهذا حال مؤمنين يريدون الله والدار الآخرة؟!

إن هذا معناه -والله أعلم- أن في الأمة قسوة، وأن فيها قلة فقه، وعدم توجه إلى الله.

إذاً: أكثر ما يستغل في رمضان المصحف -القرآن- فأكثروا من ختمه، وأكثروا من تدبره وحفظه، فشهر رمضان شهر القرآن.

<<  <  ج:
ص:  >  >>