إذا لم يوجهك العلم توجيهاً صحيحاً، ووجه بيتك وأبناءك وزوجتك وأختك وأمك، فهذه فائدة العلم.
لأن الأجانب يعلمون، لكن يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون.
علم الأكل علم القدور والبطون علم الفروج علم الفجور؛ يقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى:{بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ}[النمل:٦٦].
أمّا الدنيا فأذكياء، صنعوا الطائرة والصاروخ، وقدموا المصنع والثلاجة والبرادة والسخانة؛ لكن رسبوا في عالم الآخرة، إذا أتيت به في الآخرة فحمار، رياء وسمعة في الدنيا، وأن يكون للمواجهات فحسب، فإذا أصبح العلم في هذا المستوى فقل على صاحبه السلام، عفا عليه الدهر، إذا كان العلم علم شهادة لا يصل إلى القلوب، لا يرزق صاحبه الإخبات والاتجاه إلى الله، والاستقامة في السلوك والأدب؛ فليس بعلم بل هو كثرة، ولذلك نعى سُبحَانَهُ وَتَعَالَى على المتكثرين بالعلم يقول سبحانه وتعالى عن بني إسرائيل:{كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارا}[الجمعة:٥].
سبحان الله:
لقد ذهب الحمار بأم عمرو فلا رجعت ولا رجع الحمار
حمار عليه أسفار ومجلدات لكن حمار.
أينفع الحديث للحمار؟!
هل ينفع التفكير للحمار؟!
هل ينفع الفقه للحمار؟! لا.
ولذلك ذكر صاحب " كليلة ودمنة " أن الأسد جمع الحيوانات في الغابة، فحدثهم بفكاهة فكلهم ضحكوا إلاّ الحمار ما ضحك، وفي اليوم الثاني ضحك الحمار.
قال له الأسد: ما لك تضحك اليوم؟
قال: اليوم فهمت الفكاهة من أمس وأنا أتذكر وأتحفظ إلى اليوم، فالله (عز وجل) وصف بني إسرائيل بالحمار، ووصفهم بالكلب فقال تعالى:{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الغَاوُينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}[الأعراف:١٧٥ - ١٧٦].