للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[لعب الأحباش في المسجد يوم العيد]

قالت عائشة: وكان يوم عيد، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمسلمين، والناس كانوا يجتمعون في المصلى قبل أن يخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان إذا خرج لبس أحسن لباس، والمسلم عليه أن يعتني بالمناسبات الإسلامية، بعض الناس في الزواج والأعياد وفي الرحلات يلبس من أحسن اللباس، فإذا أتى يوم الجمعة أتى بثوب النوم! فهل هذا يليق؟! {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف:٣١] عند كل صلاة، فالواجب إظهار القوة والعظمة والروعة والجمال والطيب في المناسبات والأعياد الإسلامية.

يقول ابن عباس: {رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج في حلة حمراء يوم عيد فوالذي نفسي بيده ما رأيت أجمل منه}.

كان الرسول صلى الله عليه وسلم يلبس في المناسبات أحسن الثياب، عندما يكون مع أهله يلبس ثياب الابتذال أي ثياب البيت، ويوم الجمعة يلبس أرقى لباس، وفي المعركة يلبس الدروع صلى الله عليه وسلم.

البس لكل حالة لبوسها إما نعيمها وإما بؤسها

فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عاد إلى المسجد ودخل المدينة، وإذا بهؤلاء النفر والثلة تستعرض أمامه صلى الله عليه وسلم، وهل ضاقت بهم الأرض حتى يعرضون ويلعبون بالحراب، في المسجد؟! وكانوا من أرمى الناس، وكان وحشي الذي قتل حمزة منهم، فكانوا يهزون الحربة حتى يرضون عنها فيرمونها فلا تغادر مقتلاً إلا أصابته.

أما أناشيدهم فيقولون كما في المسند وغيره محمد عبد صالح، محمد عبد صالح.

يقولون هذا الرسول صلى الله عليه وسلم هو رسول البشرية ومعلم الإنسانية!

ألم تر أن السيف ينقص قدره إذا قيل إن السيف أمضى من العصا

أنت إذا أتيت تمدح عظيماً من العظماء فتقول له: أنت إنسان، ليس هناك مدح، أو أنك أتيت إلى كريم، فقلت له: أنت رجل.

ليس هناك طائل.

وهنا كيف يقولون: محمد عبد صالح! بل هو سيد الصالحين صلى الله عليه وسلم، فأخذ صلى الله عليه وسلم يتبسم، وفي رواية في الصحيح: {فلما رآهم عمر - عمر رضي الله عنه دائماً يغير هذه الأمور المخالفة- أخذ حصباء من المسجد ورماهم، وقال: أفي مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! فالتفت فإذا به يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتوقف} مادام أن الرسول صلى الله عليه وسلم موجود هنا فالأمر يقتضي استفتاءه صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {دعهم -يا عمر - ليعلموا أن في ديننا فسحة -وفي لفظ صحيح- دعهم لتعلم يهود أن في ديننا فسحة} أي: هناك يسر وسهولة وسماحة في ديننا؛ فتركهم.

انظر إلى تكملة القصة فقال صلى الله عليه وسلم: {أتشتهين تنظرين؟ (أي يقول لـ عائشة: أتشتهين تنظرين إلى هذا العرض؟) قالت: نعم.

قالت: فأقامها صلى الله عليه وسلم وراء ظهره وجعلت خدها على خده، وهي تنظر إليهم، حتى قال لها: أرضيتي؟ قالت: نعم.

} فقام صلى الله عليه وسلم وقامت وبادرت بالحجاب.

<<  <  ج:
ص:  >  >>