فهو سهل ميسر، واليسر والسهولة في هذا الرجل العظيم الذي أتى ليقود البشرية صلى الله عليه وسلم يرونه فإذا هو رجل سهل، يتعامل مع الناس بوضوح ويسر وتواضع، يمازح الأطفال ويلاعبهم، ويجلس مع أصحابه صلى الله عليه وسلم، ويزورهم في أماكنهم، ويقضي مع العجوز الساعات الطويلة، فإذا هو سهل ميسر صلى الله عليه وسلم.
حينها يقول صلى الله عليه وسلم:{إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه} وسوف يأتي بعد حديثين حديث آخر يعاضد هذا الحديث، لكن لا يتوهم متوهم أن معنى اليسر هو التفلت، أن يصلي الصلاة متى يريد وفي أي وقت، وأن يصوم متى يريد، وأن يتفلت على تعاليم القرآن ويقول: الدين يسر، فهذه العبارة يستخدمها بعض الناس على أهوائهم.
ولذلك يقول ابن الجوزي في أحد كتبه: إن الأعراب فهموا من أن الدين يسر، أنه التفلت على شريعة الله، حتى إن أحد الأعراب سافر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى أن الرسول صلى الله عليه وسلم يقصر الصلاة الرباعية ركعتين، والظهر ركعتين والعصر والعشاء، فلما عاد سأله إخوانه من الأعراب البدو، قالوا: ماذا وجدت في سفرك هذا؟ قال: أحسن ما وجدنا أن الرسول صلى الله عليه وسلم حذف عنا ركعتين، وسوف يحذف إن شاء الله في السفر الثاني ما بقي من الركعات، يريد أن تبقى المسألة يسراً على الطبيعة، فلا صلاة ولا صيام.
وذكر ابن الجوزي أن أعرابياً آخر بشروه بالهلال أنه أهل عليهم، قالوا: نبشرك بهلال رمضان، قال: والله لأشتتن شمله في الأسفار، أي: لا يستقر حتى آخر الشهر، يقول ابن الجوزي: وهذا منع فهمه كثير من الخلف، يظنون أن اليسر هو التفلت من الفرائض.
لا.
هناك حد وسط لا بد أن يسير معه الإنسان، ولكن لا ينقص عنه، وسوف يأتي حديث النوافل.