للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[أنواع من الاستهزاء بالدين]

في بعض الصحف رأيت شيخاً من الفضلاء سئل في عمود المرأة: عن سحَّاب المرأة هل يجوز أن يكون من أمامها -صدرها- أو من خلفها فأجاب فضيلته بما هو مأجور عليه، لكن في الصفحة الأخرى دغل على الشريعة واستهزاء بالرسالة وبشباب الصحوة.

فانظر إلى هذا السؤال، يعني: هل انتهت مسائلنا وحياتنا وطموحاتنا ومعطياتنا إلى أن وصلنا إلى أن نستفتي ورعاً هل يجوز أن يكون سحَّاب المرأة من أمامها أو من خلفها.

مع العلم أن لا إله إلا الله تسحب على التراب، فما هي الكارثة على المرأة لو جعلت سحابها من صدرها أو من قفاها والشريعة تسحب على الأرض!

وأنا لا ألوم الشيخ، لكني أود أن يأتي الشيخ إذا أراد أن يكتب في مثل هذا بشيء من العقيدة أو بشيء من المنهج الرباني، أو من رسالة الأمة، أو في إياك نعبد وإياك نستعين.

ابن تيمية لما ألف كتبه كانت ثلاث أرباعها في العقيدة، في لا إله إلا الله، في الحاكمية، في الولاء والبراء، حتى سئل -يذكرها عنه الذهبي وغيره- سئل: لماذا لا تؤلف في الفروع؟

ولذلك لم يؤلف كثيراً في الفروع، أي: لم يشرح كتاباً في الفروع شرحاً مستفيضاً.

قال: الفروع أمرها سهل، والعبد إن عبد الله على مذهب مالك أصاب، أو مذهب أبي حنيفة أصاب، أو مذهب أحمد أصاب، أو مذهب الشافعي أصاب، لكن أمور الأصول مهمة لابد للأمة أن تركب على أصول من المعتقد والتوحيد والمنهجية الربانية حتى تحيا حياة خاصة أرادها الله عز وجل لها.

{قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ} [التوبة:٦٥] فالتربية الغربية والشرقية هي التي أخرجت الإنسان في البلاد العربية كافراً بالله فهذا بدر شاكر السياب يقول في قصيدته:

منطرح أمام بابك الكبي

يا مفجع النساء يا ميتم الأطفال

يا عالماً دبيب النمل على الرمال

أتستجيب؟ أتسمعني يا مبارك؟

يخاطب الله عز وجل.

اسمع الكلام! أمة تركت كتاب الله عز وجل للمآتم، وللقراءة على المصروع إذا ركبه جان، قالوا: تعالوا بالقرآن، أسمعونا آية الكرسي، لكنه ما داخلها القرآن والسنة في حياتها حتى يوصلها إلى رضوان الله عز وجل، فأنتج هذا الهشيم والركام والفحش والبذاءة والتعدي على المنهج الرباني.

ويذكر سُبحَانَهُ وَتَعَالَى عن هؤلاء (خطر ممنوع الاقتراب) لكم أن تضحكوا بما شئتم إلا بالشريعة، والكتاب والسنة، والأخيار والصالحين والعلماء.

ليس لكم أن تمزحوا، امزحوا في مستهلكات الحياة، امزحوا في المأكولات والمشروبات، امزحوا في الماجريات ولكن في الآيات البينات، وفي شريعة رب الأرض والسماوات فخطر ممنوع الاقتراب.

حدثني بعض الشباب الثقات يقول: حضرت جلسة مع ماجن معربد في الفسحة وكان يدرس في جامعة في أحد الأقسام قال: يجلس يقضي وقته ويضحك زملاءه بالتندر على الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة، يقول هذا المجرم -أسأل الله أن يهديه ولعل الله هداه أو أخذه- يقول: حدثنا فلان عن أبي هريرة قال: كنا جلوساً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فقال: أتدرون ما الببسي؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: أتدرون ما السيكل؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: قوموا عني لا تعلمون الببسي ولا السيكل.

وهذه كلمة كفر ومثل هذا حقيق أن يقطع رأسه قطعاً بيناً، ورأيت أحدهم ولا أسميه في هذا المقام تشريفاً للمسجد يقول: جدتي حدثتني عن خالتي أن عمته حدثتها ثم ساق سنداً كسند البخاري ومسلم.

يا مغفل! سند البخاري ومسلم أحيا أمة.

يا مغفل! أنت لما تركت سند البخاري ومسلم كنت عقيماً على موائد الغرب، لفيقاً صفيقاً ذليلاً على موائد الشرق والغرب، ملحقاً لا هوية لك.

يا مغفل! سند البخاري ومسلم أخرج خالد بن الوليد وعقبة بن نافع الذي وقف على الأطلنطي وهو يقول: والله يا بحر! لو أعلم أن وراءك أرضاً لخضتك بفرسي هذا؛ لأرفع لا إله إلا الله.

فـ البخاري في بخارى كان يقرأ الحديث هناك ويحيي أمة، والولايات الإسلامية التي أخذها المد الكافر الإلحادي يوم اشتغل الناس بالموسيقى الإيطالية الحالمة، والعزف على الناي، والمراسلة، وجمع الطوابع ولعب البلوت إلى الساعة الثانية ليلاً، والوقوف على الشواطئ متفرجين متبرجين ذكراناً وإناثاً، فضاعت مقدرات الأمة.

كنا نحكم ثلاثة أرباع الكرة الأرضية، وكان هارون الرشيد في بغداد يقول للسحابة: امطري حيث شئت فإن خراجك سوف يأتي إليَّ.

وهذا المعتصم تضرب امرأة على وجهها وتقول: وامعتصماه، فيجهز جيشاً جراراً ويفتح عمورية ويدكدك حصونها ويفتح قلاعها.

لكن الآن كم تضرب من امرأة مسلمة؟! وكم يعتدي اليهود على أعراض المسلمين ومقدراتهم؟!

رب وامعتصماه انطلقت ملء أفواه الصبايا اليتم

لا مست أسماعهم لكنها لم تلامس نخوة المعتصم

<<  <  ج:
ص:  >  >>