للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[حكم الاجتماع على الاستسقاء]

السؤال

هل يجوز للناس أن يجتمعوا فيستسقوا لأنفسهم؟

الجواب

نعم يجوز لهم أن يجتمعوا فيستسقوا لأنفسهم، وأن تجتمع القبيلة وأهل المدينة، وإمام المسجد والخطيب ويتشاورون فيعلن في الناس أن عليكم غداً أن تخرجوا متذللين متخشعين، خائفين لنستسقي، ولذلك يبارك الله في هذه؛ لأنها تأتي عفوية من القلب.

أما إذا خرج الناس بسيارات فاخرة وبشوت لماعة ذهبية، وعقول منكسة أو بلا عقول، فإنهم لا يسقون.

ولذلك استسقينا خمس مرات فباءت بالفشل، بل اشتدت الحرارة أكثر، فقد كان عندنا غيم، فلما استسقينا اشتدت الشمس.

وقد استغاث الناس ربهم سُبحَانَهُ وَتَعَالى في كثير من المواطن فما خيب رجاءهم: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة:١٨٦].

وقد أخبرنا أحد الثقات من الأعيان والصلحاء في قصة حضرها، يقول: "في القديم -وهو كبير السن- قال: كنا في قبيلة اجتمعنا وبحثنا عن طالب علم، في وقت كان طالب العلم كالكبريت الأحمر، يُبحث عنه ليقرأ الرسالة ويكتبها، قال: فما وجدنا، فقلنا: يا جماعة الخير! هل فيكم من يحسن صلاة الاستسقاء؟ قالوا: لا نعرف، فقالوا: ما رأيكم، قحطنا وأجدبنا واحتجنا للغيث؟

فقال أحدهم: نرى أن نجتمع ونسأل الله في مجلس، فإنه قريب سُبحَانَهُ وَتَعَالى.

فقالوا: إذاً موعدكم الصباح في الوادي الفلاني، فنزلوا جميعاً كباراً وصغاراً وأطفالاً ونزلوا بمواشيهم، وقام كبارهم فحلَّقوا في حلقة كبيرة.

وقام كبيرهم -شيخ القبيلة- وقال: اللهم إنا نسألك أن تسقينا وتغيثنا، والله الذي لا إله إلا هو! لو كنت مكاننا وكنا مكانك ما نرضى لك هذا الحال -قال: لو كنت في ضربنا ولو كنا في ضربك، هذا من نية ومن صدق- قال: والله ما أتى وقت صلاة العصر إلا والسيل في الوديان".

{فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [العنكبوت:٦٥] {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ} [النمل:٦٢] ولكن بنية صادقة مع الواحد الأحد {الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ * وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ} [الشعراء:٢١٨ - ٢١٩].

يا من يرى مد البعوض جناحها في ظلمة الليل البهيم الأليلِ

ويرى نياط عروقها في نحرها والمخ في تلك العظام النحلِ

اغفر لعبد تاب من زلاته ما كان منه في الزمان الأوَّلِ

وقال آخر:

لطائف الله وإن طال المدى كلمحة الطرف إذا الطرف سجى

كم فرج بعد إياس قد أتى وكم سرور قد أتى بعد الأسى

سبحان من يعفو ونهفو دائماً ولم يزلْ مهما هفا العبد عفا

يعطي الذي يخطي ولا يمنعه جلاله عن العطا لذي الخَطا

وهناك قبيلة من القبائل في الجنوب خرجت فاستسقت قبل أيام، فأمطرها الله وأتى السيل معها، أي في ذلك اليوم أتى السيل، وأنا أعرف الذين حدثونا بهذا، ولله الحمد ولكم أن تجربوا.

<<  <  ج:
ص:  >  >>