[الرسول صلى الله عليه وسلم يحاور اليهود]
ورسولنا صلى الله عليه وسلم -أيضاً- عاش مثل تلك الأحداث، فإذا قرأت القرآن فإنك تلاحظ أن الرسول عليه الصلاة والسلام عاش في حياة مريرة مع من حوله من اليهود والنصارى والمنافقين، فمرة يرد على اليهود، ومرة على النصارى، ومرة على المنافقين، ومرة على المشركين.
يقول عبد الله بن سلام والحديث في الترمذي وعبد الله بن سلام من اليهود لكنه أسلم يقول: {لما وصل الرسول صلى الله عليه وسلم المدينة انجفل الناس، فكنت فيمن انجفل، فاجتمعوا عليه في السوق فتبينت وجهه، فلما رأيت وجهه، عرفت أنه ليس بوجه كذاب}.
وجهه كالقمر ليلة أربعة عشر.
لو لم تكن فيه آيات مبينة لكان منظره ينبئك بالخبر
وجهه وجه صادق مخلص، وجهه رائع وجميل.
قال: {فلما رأيت وجهه سمعته يقول: يا أيها الناس -اسمع الكلمات، حتى الكلمات كالدرر- افشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام}.
وراوي الحديث هو نفسه عبد الله بن سلام.
فقال عبد الله بن سلام: {يا رسول الله! أسألك عن ثلاث آيات لا يعرفها إلا نبي -لأن عبد الله بن سلام عنده التوراة- أسألك عن ثلاث آيات إن أجبتني عليها أسلمت وآمنت، قال: ما هي؟ قال: ما هو أول ما يأكل أهل الجنة إذا دخلوا الجنة؟}.
الرسول عليه الصلاة والسلام لم يقرأ ولم يكتب: {وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ} [العنكبوت:٤٨] {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ} [الجمعة:٢] لم يقرأ ولم يكتب أو يدرس في مدرسة أو في كتاتيب أو في جامعة.
قال: {يا رسول الله! أسألك عن ثلاث: ما أول ما يأكل أهل الجنة إذا دخلوا الجنة؟ هذه الأولى، والثانية: متى يشبه الولد أباه ومتى يشبه أمه؟ وهذه الثانية، والثالثة: ما هي أول علامات الساعة؟}.
فالرسول عليه الصلاة والسلام لم ينتظر كثيراً فلقد أتاه الوحي: {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى} [النجم:٤ - ٥].
قال: {أما أول ما يأكل أهل الجنة إذا دخلوا الجنة فإنه زيادة كبد الحوت، قال: صدقت، قال: وأما أن يشبه الولد أباه، فإذا أتى الرجل زوجته فعلا ماؤه ماءها أشبه أباه، فإن علا ماؤها ماءه أشبه أمه، قال: صدقت، وأما أول علامات الساعة فنار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب، قال: صدقت، أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، ثم يقول: يا رسول الله! إن اليهود قوم بهت -أي: أهل زور وفجور- إذا علموا أني أسلمت بهتوني، فلا تخبرهم بإسلامي وأدخلني هذه المشربة -غرفة خلفية- واسألهم عني، فأدخله عليه الصلاة والسلام في الغرفة وأغلق عليه ونادى اليهود، فأتوا وجلسوا، قال: يا معشر يهود! كيف ابن سلام فيكم؟ قالوا: سيدنا وابن سيدنا، وخيرنا وابن خيرنا، وفقيهنا وابن فقيهنا، وعالمنا وابن عالمنا، قال: أرأيتم إن أسلم، قالوا: أعاذه الله من ذلك، قال: فإنه أسلم، ففتح له الباب عليه الصلاة والسلام، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، فقاموا ينفضون ثيابهم ويقولون: شرنا وابن شرنا، وسيئنا وابن سيئنا، وخبيثنا وابن خبيثنا، فيقول الله: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [الأحقاف:١٠]}.