[صلاح الدين يحرر القدس]
أتى الله بـ صلاح الدين وصلاح الدين كردي من الأكراد، وليس بعربي، لكنه مؤمن يصوم النهار ويقوم الليل.
صلاح الدين ولي من أولياء الله، تعلم في مدرسة محمد عليه الصلاة والسلام، كان شاباً لا يضحك ولا يتبسم، قال له الناس: لا نراك تضحك ولا تتبسم!، قال: سبحان الله! أضحك والمسجد الأقصى مأسور، أتبسم والمسجد الأقصى بيد الأعداء، لا والله.
وعاش صلاح الدين، فلما اكتمل نموه واشتد ساعده، حمل السيف، وقال: لا إله إلا الله، والعرب والعجم إذا سمعوا لا إله إلا الله تحركت الفطرة في قلوبهم، وتحرك الإيمان في أرواحهم, كما قال تعالى: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} [الروم:٣٠] فقال: لا إله إلا الله وكبر في المعمورة، فأتى المسلمون وعادوا إليه مهللين ومكبرين، وتابوا من المعاصي، وتركوا الخمارات والبارات، وهجروا الغناء؛ كسروا الأعواد وسبحوا وتوضئوا، وحملوا السيوف.
رفيق صلاح الدين هل لك عودة فإن جيوش الروم تنهى وتأمر
رفاقك في الأغوار شدوا سروجهم وجيشك في حطين صلوا وكبروا
نساء فلسطين تكحلن بالأسى وفي بيت لحم قاصرات وقصر
وليمون يافا يابس في أصوله وهل شجر في قبضة الظلم يثمر؟!
يبس ليمون يافا، وبكت نساء فلسطين يوم أصبح الجهاد قرارات لـ هيئة الأمم الظالمة الملحدة التي عليها كل صهيوني وعميل.
والأفغان كفروا بـ هيئة الأمم، فنصرهم الله، وما قدموا عريضة ولا شكوى، إنما أخذوا الرشاش، وأخذوا السلاح، وذبحوا الروس كذبح الدجاج وداسوهم في الأرض على التراب، وقالوا: لا نعرف هيئة الأمم ولا جنيف ولا مجلس الأمن، وهل هو من عند الله؟!!
{إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ} [آل عمران:١٦٠] أربعون سنة والعرب يشكون على مجلس الأمن، فإذا قتل قتيل مجرم في ناحية قامت الدنيا وقعدت بأسرها، وشعب فلسطين يذبحون بالآلاف، وأطفال فلسطين يكدسون مع القمامات، وشيوخ فلسطين يجرجرون على وجوههم في التراب، ثم لا شكوى ولا اعتراض ولا استنفار، إلى متى؟
فخرج صلاح الدين يوم الجمعة، يوم وقف الخطباء على منابر العالم الإسلامي وأرسل لهم أن ادعوا لنا.
فاليوم يوم التصفية، والملحمة والفرقان، اليوم يشفي الله قلوب المؤمنين وأرواح المضطهدين، ووقف صلاح الدين وصنف الكتائب، وأعد الجيوش، والتقى بالنصارى الصليبيين أعداء الله، وبدأت المعركة مع أذان الجمعة الثاني، وصدق صلاح الدين مع الله، وطلب النصر من الله، وكان صلاح الدين في المعركة يجول ويذبح ويقتل، ثم يعود ويستقبل القبلة ويسجد ويبكي ويمرغ وجهه في التراب، ويقول: نصرك اللهم، نصرك اللهم، ومع الغروب وإذا بأعداء الله يزحفون على الرمال، وإذا بسيوف الله تأخذ في أكتاف أعداء الله وتسحقهم سحقاً، وتفنيهم فناءً، وتبيدهم إبادة، وفي اليوم الثاني يدخل صلاح الدين بيت المقدس، ويؤذن المؤذن مرة ثانية بأذان الظهر، وترتفع الخطبة التي يلقيها أحد العلماء، خطبة ذكرها ابن كثير في البداية والنهاية ما سمع الدهر بمثلها، وما بقي أحد إلا بكى، ولو كانت الشجر لها مقلتان لبكت من فرح النصر ومن عظمة الدين.
ومات صلاح الدين وعادت الأمة إلى ما كانت عليه، أمة لاهية، أموالها في البنوك الربوية، وشبابها في المنتزهات، وسهراتها مع الورقة والباصرة، وتلاوتها الأغنية الماجنة، ومصحفها المجلة الخليعة، وهوايتها جمع الطوابع والمراسلة، تصفيق وزفير، وشهيق وضياع، وسفر وأغنية ومجون، فضاعت القدس.
مليون يهودي جاءوا من فرسنك وبولندا وهولندا.
ومن أطراف الأرض، فأرغموا مليار مسلم على التخلي عن القدس وأخذوا فلسطين، بل هددوا العالم الإسلامي، وأصبح يسميهم بعض العرب إرهابيين فخفنا منهم وتصورنا خوفهم في الماء، والله يقول: {وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ} [البقرة:٦١] لعنهم الله ونحن نقول: شجعان إرهابيون، خفنا وتبددنا، ولكن هل من عودة إلى الله؟ هل من رجوع إلى الله؟
فقضية القدس قضية المسلمين، ولا بد أن تجعلها من أول اهتماماتك في الحياة، دعاءً وبذلاً، وجهاداً وتضحيةً وتوعيةً في الناس.
أقول هذا، وأستغفر الله الجليل لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.