[قصة مقتل الحسين رضي الله عنه]
فالشاهد: أن ابن عمر يذكر أهل العراق بقتل الحسين.
والحسين بن علي رضي الله عنه خرج من مكة وعمره يناهز الستين يوم قتل، وكلمه ابن عباس وابن عمر ونصحاه ألا يخرج إلى العراق، قال: لا.
العراق فيه الخير، وسينفع الله بخروجي، وكان الخليفة في ذاك الوقت هو يزيد بن معاوية، وهذا عبيد الله بن زياد، هو الوالي على الكوفة من قبل يزيد بن معاوية، وهذا عبيد الله بن زياد هذا نسأل الله العافية ضالٌ مضل، أمره إلى الله عز وجل، لا يروى عنه، فليس أهلاً لذلك وليس بثقة.
يقول أحد العلماء: هل أحد يؤمن بالله واليوم الآخر يروي عن عبيد الله بن زياد بعدما فعل بـ الحسين، ما فعل، فأرسل عبيد الله بن زياد جيشاً يقارب ثلاثة آلاف أو أكثر، وقال: اعترض الحسين بن علي، إما أن تردوه إلى المدينة، وإما أن تقتلوه، لا تتركوه يصل أبداً إلى العراق، فالتقوا بـ الحسين وكان معه أهله، منهم علي بن الحسين زين العابدين ابنه وكان من العباد الكبار، فالتقوا بـ الحسين، قال: اتقوا الله أنا ابن بنت الرسول عليه الصلاة والسلام، أتقاتلونني؟ وهم مسلمون! قالوا: أمرنا عبيد الله بن زياد، وأدمغتهم أدمغة حمير لا تفهم، وهو يقول: ابن بنت رسول الله وهم يقولون: أمرنا عبيد الله.
قال: أقول: أنا ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ماذا تقولون لله يوم القيامة إذا قال: قتلتم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالوا: لا ننتهي، إما أن تعود إلى المدينة، أو تأتي نسلمك إلى عبيد الله بن زياد!! قال: أما عبيد الله فو الله لا أسلم نفسي إليه؛ لأنه فاجر؛ نسأل الله العافية: {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلا تُسْأَلونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [البقرة:١٣٤].
قال: اتركوني اذهب إلى يزيد، قالوا: ولا نتركك، قال: اسقوني من الماء، قالوا: ولا نسقيك، فحجزوه عن الماء في الصحراء، وبدأ القتال في اليوم الثاني بعدما فشلت المفاوضات، وكان الحسين من أشجع الناس، فأخذ السيف يقاتل، وأخذ أهل العراق يكبرون، يكبرون على أنهم قتلوه، فضربوه رضي الله عنه وأرضاه وقتلوه، حتى يقول الشاعر:
جاءوا برأسك يا بن بنت محمد متزملاً بدمائه تزميلا
ويكبرون بأن قتلت وإنما قتلوا بك التكبير والتهليلا
يكبرون على أن قتلوك، وجدك الذي أتى بالتكبير إلى الناس، لو لم يأتِ عليه الصلاة والسلام للناس ما عرف التكبير والتهليل، يوم قتلوك يكبرون على أنهم انتصروا، وذهبوا برأسه رضي الله عنه وأرضاه إلى عبيد الله بن زياد، فأخذ عبيد الله بن زياد عصاً -انظر إليه نسأل الله أن يحاسبه بما فعل- أخذ عصا وجلس في ديوانه وحوله بعض الوزراء وقواد الجيش، وأخذ العصا يشير بها إلى أنف الحسين، ويتكلم لهم، فأتى بعض الصحابة يتباكون في مجلسه، قالوا: ارفع عصاك، والله الذي لا إله إلا هو لقد رأينا الرسول عليه الصلاة والسلام يقبل هذا الموضع الذي تضع العصا عليه، ويقول في الحسن والحسين: {هما ريحانتاي من الدنيا} فالمقصود هذا شاهد الحديث.
قال ابن عمر: [[انظروا إلى هذا يسألني عن دم البعوض، وقد قتلوا ابن النبي صلى الله عليه وسلم]] وعند ابن كثير في ترجمة الحسين، أن ابن عباس كان في مكة يوم قتل الحسين، فقام ابن عباس في الظهيرة بعد صلاة الظهر يبكي، وهو في مكة، قال له أهله: مالك يا بن عباس؟! قال: قتل الحسين اليوم، قال: رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام، وهو يقول: يا بن عباس! أما رأيت الأمة ماذا فعلت؟ قتلت ابني، هذا ذكره ابن كثير بأسانيد.
فـ ابن عمر يذكر هذا، ويقول: تتورع عن قتل بعوضة، وأنتم ما تورعتم عن قتل البطل الشهير.
قال: وسمعت الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: {هما ريحانتاي من الدنيا} يقولون: معناه هما تحفتاي من الدنيا، أو هما الشيء الذي آخذه من الدنيا؛ لأن الدنيا لا أحبها، ولا أريد بهجتها، لكن لو كنت أحب شيئاً من الدنيا فهو الحسن والحسين، وقال بعضهم كـ الزمخشري في الفائق، ريحانتاي: معناها الباقة من الورد، فكأنهما أشبه بالريحان؛ كما قال أبو العتاهية:
ياللشباب المرح التصابي روائح الجنة في الشباب
فيقول عليه الصلاة والسلام: هما أشبه بباقة الورد، فما أخذت من الدنيا إلا الحسن والحسين.