الحمد لله رب العالمين، ولي الصالحين ولا عدوان إلا على الظالمين؛ والصلاة والسلام على إمام المتقين وقدوة الناس أجمعين، وعلى آله وصحبه والتابعين.
أيها الناس: أفلح هذا الاستعمار في تمزيق العالم الإسلامي تمزيقاً لم يسمع بمثله.
كان العالم الإسلامي شعباً واحداً، ودوله واحدة، وأمة واحدة كان عمر يحكم من المدينة المنورة أكثر من اثنتين وعشرين دولة؛ فلما أتى الاستعمار؛ قسم العالم الإسلامي إلى أكثر من خمسين دولة صغيرة متناحرة متضادة متكالبة، تقسمها حواجز وحدود، وبعضهم يرى التميز على البعض، والله يقول:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}[الحجرات:١٠] وقال تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}[الحجرات:١٣] ولكن الكثير لا يؤمن بهذا الإخاء، والكثير يرون أن الكرم في النسب أو اللغة أو الدم.
ماذا فعلت بنا الرايات الجاهلية من رايات العلمانيين والبعثيين والثوريين العرب والقوميين؟!
لقد وزعتنا شعوباً وقبائل سفكت دماءنا أخذت جماجمنا، وجعلتنا نقتتل فيما بيننا.
إن عدونا جميعاً هو الكافر الذي لا يؤمن بلا إله إلا الله؛ وإن عدونا جميعاً هو الذي يعادي محمداً عليه الصلاة والسلام، ومن هذا المكان: أدعو كل مسلم أن يتذكر الإخاء الذي أتى به محمد عليه الصلاة والسلام، قال تعالى:{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}[آل عمران:١٠٣].
فالحفرة هي الهلاك والدمار، ولم يفلح أحد من العظماء في جمع هذه الأمة مثل رسولنا صلى الله عليه وسلم؛ يوم أتى بميثاق:(إياك نعبد وإياك نستعين).
خدعونا -قاتلهم الله- بـ القومية العربية، وكتب البعث على مقرراته في الصفحة الأولى -بخط النسخ- يقولون:" أمة عربية واحدة، ذات رسالة خالدة ".
ثم فاجئونا! فإذا هذه الأمة الواحدة صاحبة الرسالة الخالدة تعتدي على الأعراض، وتقتل الشيوخ، وتدمر المساجد، وتبيد الأخضر واليابس، وتهلك الحرث والنسل وتترك اليهودية العالمية والشيوعية والرأسمالية في الظاهر، وتتعامل معها في الخفاء فأي إخاء مثل إخاء محمد عليه الصلاة والسلام؟!