[الوسطية في الأخلاق]
قال: ووسط في الأخلاق، فلسنا بالذين يجعلون الأخلاق هو الحل العالمي، فـ الماسونية تجعل الوسط العالمي القدر المشترك بين الأمم من الأخلاق، حتى تجدهم الآن - العلمانية والماسونية - ينددون بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويأتون إلى الرجل ولو لم يكن في قلبه مثقال ذرة من إيمان ويقولون: ما أحسن خلقه! هو لا يجرح المشاعر، يعني: لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر، قالوا: وهو هادئ وأسلوبه طيب، يدخل البيت ويسمع الأغنية فلا يزعج أهله وإخوانه، وإخوانه يصلي بعضهم ويترك بعضهم، وهو مع ذلك مسالم مع الجميع ويحبه المجتمع، وسفيان الثوري يقول: إذا رأيت الرجل أجمع عليه جيرانه فاعرف أنه رجل سوء، فإذا سكت عنه الجيران جميعاً فاعرف أنه لا يتكلم، حتى قالوا لـ سفيان: نراك كثير الأعداء، قال: كلمة الحق لم تترك لي صديقاً، فـ سفيان دائماً مع كلمة حق، فهو يدخل على أبي جعفر وينزل السوق، يقول عنه الذهبي: كان سفيان إذا لم يأمر بالمعروف ولم ينه عن المنكر بال الدم، فهذا ثابت عنه في السيرة، وقال: كان يغمى عليه، وكان يقوم ينتفض في الليل، فيقولون له: مالك؟ يقول: مررت اليوم بشيء فما نهيت عنه فأصابني منه شيء، فلله دره ما أعظمه.
فلذلك الإماتة -إماتة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر- بحجة الأخلاق يجعلونها سُلَّم العالمين.
ونحن نقول: لا.
الخلق تحت راية لا إله إلا الله.
(وهم وسط في الفن والأدب) كما يقول سيد قطب، فلسنا بالأمة الجافية التي تقول: لا يصح الأدب، فلا شِعْرَ ولا جمالَ في الكون.
فالله عز وجل يقول: {فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا} [النمل:٦٠] فلك أن تتأمل الزهرة، والوردة، والياسمين، والروضة الفيحاء، والبساتين الغناء، لكن في حدود الجمال المباح، فنحن لسنا بالجفاة الذين يغلقون أنفسهم عن الأدب، فإذا ألقى شخص قصيدة، قال: حرام، لا تلقيها، وإذا شارك شخص في أمسية قال: هذا حرام، فالصحابة لم يشاركوا.
وهذا ينشد نشيداً بديعاً في حدود المباح، فيقول: لا.
هذا خطأ، فنحن أمة نتوسط، ورجل آخر يأتيك، فيقول: لا.
الإسلام أباح الأغنية، والموسيقى والأغنية الإسلامية، والجلسة الحمراء الإسلامية، حتى قرأت كتاباً اسمه: (الفن والجمال) لأحد المفكرين من السودان، أخطأ فيه خطأً بيناً، وأساء إساءة واضحة، وفعل مثلما فعل ابن عربي في كتبه، مثل (الفصوص) (والفتوحات المكية).
فهذا خطأ، حتى يقول: من يمنع هذا، حتى يقول: لك أن تنظر في الوجوه الجميلة فهي من التدبر، وهذا مثل كلام ابن عربي، نعوذ بالله من الخذلان.
ويقولون: أحد الزنادقة، كان ينظر لفتاة جميلة، قالوا له: اتق الله، قال: أتفكر في خلق الله، فهذا حسيبه الله، أما وجد إلا هذا، وقد قال تعالى: {وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} [الأعراف:٢٨] فالله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى لم يأمر بهذا.
إذاً فالوسطية أن تحل ما أحل الله وتحرم ما حرم الله، قال تعالى: {وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ} [النحل:١١٦].